عن اكل مال اليتيم وهو من الكبائر التي اوعد الله عليها النار قال تعالى: (ان الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) النساء: 10.
وفي النهى عن الاقتراب مبالغة لإفادة اشتداد الحرمة.
وقوله: (الا بالتي هي أحسن) أي بالطريقة التي هي أحسن وفيه مصلحة انماء ماله، وقوله: (حتى يبلغ أشده) هو أو ان البلوغ والرشد وعند ذلك يرتفع عنه اليتم فالتحديد بهذه الجملة لكون النهى عن القرب في معنى الامر بالصيانة والحفظ كأنه قيل: احتفظوا على ماله حتى يبلغ أشده فتردوه إليه، وبعبارة أخرى الكلام في معنى قولنا: لا تقربوا مال اليتيم ما دام يتيما، وقد تقدم بعض ما يناسب المقام في سورة الأنعام آية 152.
قوله تعالى: (وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤلا) أي مسؤول عنه وهو من الحذف والايصال السائغ في الكلام، وقيل: المراد السؤال عن نفس العهد فان من الجائز ان تتمثل الأعمال يوم القيامة فتشهد للانسان أو عليه وتشفع له أو تخاصمه.
قوله تعالى: (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا) القسطاس بكسر القاف وضمها هو الميزان قيل: رومي معرب وقيل:
عربي، وقيل مركب في الأصل من القسط وهو العدل وطاس وهو كفة الميزان والقسطاس المستقيم هو الميزان العادل لا يخسر في وزنه.
وقوله: (ذلك خير وأحسن تأويلا) الخير هو الذي يجب ان يختاره الانسان إذا تردد الامر بينه وبين غيره، والتأويل هو الحقيقة التي ينتهى إليها الامر، وكون ايفاء الكيل والوزن بالقسطاس المستقيم خيرا لما فيه من الاتقاء من استراق أموال الناس واختلاسها من حيث لا يشعرون وجلب وثوقهم.
وكونهما أحسن تأويلا لما فيهما من رعاية الرشد والاستقامة في تقدير الناس معيشتهم فان معايشهم تقوم في التمتع بأمتعة الحياة على أصلين اكتساب الأمتعة الصالحة للتمتع والمبادلة على الزائد على قدر حاجتهم فهم يقدرون معيشتهم على قدر ما يسعهم ان يبذلوه من المال عينا أو قيمة، وعلى قدر ما يحتاجون إليه من الأمتعة المشتراة فإذا