الغريزة ويتوسل به إلى انسال الذرية، وهو أصل طبيعي لانعقاد المجتمع الانساني فان من الضروري ان الشعوب المختلفة البشرية على ما لها من السعة والكثرة تنتهى إلى مجتمعات صغيرة منزلية انعقدت في سالف الدهور.
وما مر من أن في سنة الازدواج شئ من معنى الاختصاص هو المنشأ لما كان الرجال يعدون أهلهم اعراضا لأنفسهم ويرون الذب عن الاهل وصونها من تعرض غيرهم فريضة على أنفسهم كالذب عن أنفسهم أو أشد، والغريزة الهائجة إذ ذاك هي المسماة بالغيرة وليست بالحسد والشح.
ولذلك أيضا لم يزالوا على مر القرون والأجيال يمدحون النكاح ويعدونه سنة حسنة ممدوحه، ويستقبحون الزنا وهو المواقعة من غير علقه النكاح ويستشنعونه في الجملة ويعدونه اثما اجتماعيا وفاحشة أي فعلا شنيعا لا يجهر به وان كان ربما وجد بين بعض الأقوام الهمجية في بعض الأحيان وعلى شرائط خاصة بين الحرائر والشبان أو بين الفتيات من الجواري على ما ذكر في تواريخ الأمم والأقوام.
وانما استفحشوه وأنكروه لما يستتبعه من فساد الأنساب وقطع النسل وظهور الأمراض التناسلية ودعوته إلى كثير من الجنايات الاجتماعية من قتل وجرح وسرقة وخيانة وغير ذلك وذهاب العفة والحياء والغيرة والمودة والرحمة.
غيران المدنية الغربية الحديثة لابتنائها على التمتع التام من مزايا الحياة المادية وحرية الافراد في غير ما تعتني به القوانين المدنية سواء فيه السنن القومية والشرائع الدينية والأخلاق الانسانية اباحته إذا وقع من غير كره كيفما كان، وربما أضيف إلى ذلك بعض شرائط جزئية أخرى في موارد خاصة، ولم تبال بما يستتبعه من وجوه الفساد عناية بحرية الافراد فيما يهوونه ويرتضونه والقوانين الاجتماعية تراعى رأى الأكثرين.
فشاعت الفاحشة بين الرجال والنساء حتى عمت المحصنين والمحصنات والمحارم حتى كاد ان لا يوجد من لم يبتل به وكثر مواليدها كثرة كاد ان تثقل كفة الميزان واخذت تضعف الأخلاق الكريمة التي كانت تتصف بها الانسانية الطبيعية وترتضيها لنفسه بتسنين سنة الازدواج من العفة والغيرة والحياء يوما فيوما حتى صار بعض هذه الفضائل اضحوكة وسخرية ولولا أن في ذكر الشنائع بعض الشناعة ثم في خلال الأبحاث القرآنية