بالغ في تحريمه حيث نهاهم عن أن يقربوه، وعلله بقوله: (انه كان فاحشة) فافاد ان الفحش صفة لازمة له لا يفارقه، وقوله: (وساء سبيلا) فافاد انه سبيل سئ يؤدى إلى فساد المجتمع في جميع شؤنه حتى ينحل عقده ويختل نظامه وفيه هلاك الانسانية وقد بالغ سبحانه في وعيد من اتى به حيث قال في صفات المؤمنين: (ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا) الفرقان: 70.
(كلام في حرمه الزنا) وهو بحث قرآني اجتماعي.
من المشهود ان في كل من الزوجين من الانسان أعني الذكر والأنثى إذا أدرك وصحت بنيته ميلا غريزيا إلى الاخر وليس ذلك مما يختص بالانسان بل ما نجده من عامة الحيوان أيضا على هذه الغريزة الطبيعية.
وقد جهز بحسب الأعضاء والقوى بما يدعوه إلى هذا الاقتراب والتمايل والتأمل في نوع تجهيز الصنفين لا يدع ريبا في أن هذه الشهوة الطبيعية وسيلة تكوينية إلى التوالد والتناسل الذي هو ذريعة إلى بقاء النوع، وقد جهز بأمور أخرى متممة لهذه البغية الطبيعية كحب الولد و تجهيز الأنثى من الحيوان ذي الثدي باللبن لتغذي طفلها حتى يستطيع التقام الغذاء الخشن ومضغه وهضمه فكل ذلك تسخير الهى يتوسل به إلى بقاء النوع.
ولذلك نرى ان الحيوان مع عدم افتقاره إلى الاجتماع والمدنية لسذاجة حياته وقلة حاجته يهتدى حينا بعد حين بحسب غريزته إلى الاجتماع الزوجي - السفاد - ثم يلتزم الزوجان أو الأنثى منهما الطفل أو الفرخ ويتكفلان أو تتكفل الأنثى تغذيته وتربيته حتى يدرك ويستقل بإدارة رحى حياته.
ولذلك أيضا لم يزل الناس منذ ضبط التاريخ سيرهم وسننهم تجرى فيهم سنة الازدواج التي فيها نوع من الاختصاص و الملازمة بين الرجل والمراة لتجاب به داعية