وهذه اللفظة مشتركة كما ترى مترددة بين معان يجب لمن يتحرى الحقائق ان يتأملها انتهى بتلخيص.
وفي الآية نهى شديد عن قتل الأولاد خوفا من الفقر والحاجة وقوله (نحن نرزقهم وإياكم) تعليل للنهي وتمهيد لقوله بعده: (ان قتلهم كان خطا كبيرا).
والمعنى ولا تقتلوا أولادكم خوفا من أن تبتلوا بالفقر والحاجة فيؤديهم ذلك إلى ذل السؤال أو ازدواج بناتكم من غير الأكفاء أو غير ذلك مما يذهب بكرامتكم فإنكم لستم ترزقونهم حتى تفقدوا الرزق عند فقركم واعساركم بل نحن نرزقهم وإياكم ان قتلهم كان خطا كبيرا.
وقد تكرر في كلامه تعالى النهى عن قتل الأولاد خوفا من الفقر وخشية من الاملاق، وهو مع كونه من قتل النفس المحترمة التي يبالغ كلامه تعالى في النهى عنه انما أفرد بالذكر واختص بنهي خاص لكونه من أقبح الشقوة وأشد القسوة، ولأنهم - كما قيل - كانوا يعيشون في أراضي يكثر فيها السنة ويسرع إليها الجدب فكانوا إذا لاحت لوائح الفاقة والاعسار يجدب وغيره بادروا إلى قتل الأولاد خوفا من ذهاب الكرامة والعزة.
وفي الكشاف: قتلهم أولادهم هو وأدهم بناتهم كانوا يئدونهن خشية الفاقة وهى الاملاق فنهاهم الله وضمن لهم ارزاقهم انتهى، والظاهر خلاف ما ذكره وان الآيات المتعرضة لواد البنات آيات خاصة تصرح به وبحرمته كقوله تعالى: (وإذا الموؤدة سئلت باى ذنب قتلت) التكوير: 9، وقوله: (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا فهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب الا ساء ما يحكمون) النحل: 59.
واما الآية التي نحن فيها وأترابها فإنها تنهى عن قتل الأولاد خشية املاق، ولا موجب لحمل الأولاد على البنات مع كونه أعم، ولا حمل الهون على خوف الفقر مع كونهما متغايرين فالحق ان الآية تكشف عن سنة سيئة أخرى غير واد البنات دفعا للهون وهى قتل الأولاد من ذكر وأنثى خوفا من الفقر والفاقة والآيات تنهى عنه.
قوله تعالى: (ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا) نهى عن الزنا وقد