وجدانه بدليل قوله: ابتغاء رحمة من ربك ترجوها) أي كنت تعرض عنهم لا لكونك مليئا بالمال شحيحا به، ولا لأنك فاقد له آيس من حصوله بل لأنك فاقد له مبتغ وطالب لرحمة من ربك ترجوها يعنى الرزق.
وقوله: (فقل لهم قولا ميسورا) أي سهلا لينا أي لا تغلظ في القول ولا تجف في الرد كما قال تعالى: (واما السائل فلا تنهر) الضحى: 10 بل رده بقول سهل لين.
قال في الكشاف: وقوله: (ابتغاء رحمة من ربك) اما ان يتعلق بجواب الشرط مقدما عليه أي فقل لهم قولا سهلا لينا وعدهم وعدا جميلا رحمة لهم وتطييبا لقلوبهم ابتغاء رحمة من ربك أي ابتغ رحمة الله التي ترجوها برحمتك عليهم، واما ان يتعلق بالشرط أي وان اعرضت عنهم لفقد رزق من ربك ترجو ان يفتح لك - فسمى الرزق رحمة - فردهم ردا جميلا فوضع الابتغاء موضع الفقد لان فاقد الرزق مبتغ له فكان لفقد سبب الابتغاء والابتغاء مسببا عنه فوضع المسبب موضع السبب. انتهى.
قوله تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) جعل اليد مغلولة إلى العنق كناية عن الامساك كمن لا يعطى ولا يهب شيئا لبخله وشح نفسه، وبسط اليد كل البسط كناية عن انفاق الانسان كل ما في وجده بحيث لا يبقى شيئا كمن يبسط يده كل البسط بحيث لا يستقر عليها شئ ففي الكلام نهى بالغ عن التفريط والافراط في الانفاق.
وقوله: (فتقعد ملوما محسورا) متفرع على قوله: (ولا تبسطها) الخ والحسر هو الانقطاع أو العرى أي ولا تبسط يدك كل البسط حتى يتعقب ذلك أن تقعد ملوما لنفسك وغيرك منقطعا عن واجبات المعاش أو عريانا لا تقدر على أن تظهر للناس وتعاشرهم وتراودهم.
وقيل: ان قوله: (فتقعد ملوما محسورا) متفرع على الجملتين لا على الجملة الأخيرة فحسب والمعنى ان أمسكت قعدت ملوما مذموما وان أسرفت بقيت متحسرا مغموما.
وفيه ان كون قوله: (ولا تبسطها كل البسط) ظاهرا في النهى عن التبذير والاسراف غير معلوم وكذا كون انفاق جميع المال في سبيل الله اسرافا وتبذيرا غير ظاهر وان كان منهيا عنه بهذه الآية كيف ومن المأخوذ في مفهوم التبذير ان يكون على