منها ان المعنى هو المعنى السابق الا ان الكلام بتقدير القول في الاستثناء وتقدير الكلام: الا ان تقول إن شاء الله، ولما حذف " تقول " نقل " إن شاء الله " إلى لفظ الاستقبال، فيكون هذا تأديبا من الله للعباد وتعليما لهم أن يعلقوا ما يخبرون به بهذه اللفظة حتى يخرج عن حد القطع فلا يلزمهم كذب أو حنث إذا لم يفعلوه لمانع والوجه منسوب إلى الأخفش.
وفيه أنه تكلف من غير موجب. على أن التبديل المذكور يغير المعنى وهو ظاهر.
ومنها ان الكلام على ظاهره غير أن المصدر المؤل إليه " أن يشاء الله " بمعنى المفعول، والمعنى لا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا الا ما يشاؤه الله ويريده، وإذ كان الله لا يشاء الا الطاعات فكأنه قيل: ولا تقولن في شئ اني سأفعله الا الطاعات، والنهي للتنزيه لا للتحريم حتى يعترض عليه بجواز العزم على المباحات والاخبار عنه.
وفيه أنه مبنى على حمل المشية على الإرادة التشريعية ولا دليل عليه ولم يستعمل المشية في كلامه تعالى بهذا المعنى قط، وقد استعمل استثناء المشية التكوينية في مواضع من كلامه كما حكى من قول موسى لخضر: " ستجدني إن شاء الله صابرا " الكهف:
69، وقول شعيب لموسى: " ستجدني إن شاء الله من الصالحين " القصص، 27 وقول إسماعيل لأبيه: " ستجدني أن شاء الله من الصابرين " الصافات: 102 وقوله تعالى:
لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين " الفتح: 27 إلى غير ذلك من الآيات.
والوجه مبني على أصول الاعتزال وعند المعتزلة ان لا مشية لله سبحانه في أعمال العباد الا الإرادة التشريعية المتعلقة بالطاعات، وهو مدفوع بالعقل والنقل.
ومنها ان الاستثناء من الفعل دون القول من غير حاجة إلى تقدير، والمعنى ولا تقولن لشئ هكذا وهو ان تقول اني فاعل ذلك غدا باستقلالي الا ان يشاء الله خلافه بابداء مانع على ما تقوله المعتزلة ان العبد فاعل مستقل للفعل الا ان يبدئ الله مانعا دونه أقوى منه، ومآل المعنى أن لا تقل في الفعل بقول المعتزلة.
وفيه أن تعلق الاستثناء بالفعل دون القول بما مر من البيان أتم فلا وجه للنهي عن تعليق الاستثناء على الفعل، وقد وقع تعليقه على الفعل في مواضع من كلامه من غير أن