الله " آل عمران: 145 وقال: " وما كان لنفس ان تؤمن الا بإذن الله " يونس:
100 وقال: وما أرسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله " النساء: 64 إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.
فعلى الانسان العارف بمقام ربه المسلم له ان لا يرى نفسه سببا مستقلا لفعله مستغنيا فيه عن غيره بل مالكا له بتمليك الله قادرا عليه باقداره وأن القوة لله جميعا وإذا عزم على فعل ان يعزم متوكلا على الله قال تعالى: " فإذا عزمت فتوكل على الله " وإذا وعد بشئ أو أخبر عما سيفعله أن يقيده بإذن الله أو بعدم مشيته خلافه.
وهذا المعنى هو الذي يسبق إلى الذهن المسبوق بهذه الحقيقة القرآنية إذا قرع بابه قوله تعالى: " ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله " وخاصة بعدما تقدم في آيات القصة من بيان توحده تعالى في الوهيته وربوبيته وما تقدم قبل آيات القصة من كون ما على الأرض زينة لها سيجعله الله صعيدا جرزا ومن جملة ما على الأرض أفعال الانسان التي هي زينة جالبة للانسان يمتحن بها وهو يراها مملوكة لنفسه.
وذلك أن قوله: " ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا " نهى عن نسبته فعله إلى نفسه، ولا بأس بهذه النسبة قطعا فإنه سبحانه كثيرا ما ينسب في كلامه الافعال إلي نبيه والى غيره من الناس وربما يأمره أن ينسب أفعالا إلى نفسه قال تعالى: " فقل لي عملي ولكم عملكم " يونس: 41، وقال: " لنا أعمالنا ولكم أعمالكم " الشورى: 15.
فأصل نسبة الفعل إلى فاعله مما لا ينكره القرآن الكريم وإنما ينكر دعوى الاستقلال في الفعل والاستغناء عن مشيته واذنه تعالى فهو الذي يصلحه الاستثناء أعني قوله:
" الا ان يشاء الله ".
ومن هنا يظهر أن الكلام على تقدير باء الملابسة وهو استثناء مفرغ عن جميع الأحوال أو جميع الأزمان، وتقديره: ولا تقولن لشئ - اي لأجل شئ تعزم عليه - اني فاعل ذلك غدا في حال من الأحوال أو زمان من الأزمنة الا في حال أو في زمان يلابس قولك المشية بأن تقول: اني فاعل ذلك غدا إن شاء الله أن أفعله أو الا ان يشاء الله ان لا افعله، والمعنى على أي حال: ان أذن الله في فعله.
هذا ما يعطيه التدبر في معنى الآية ويؤيده ذيلها وللمفسرين فيها توجيهات أخرى.