المعنى ليتكلف اللطف في المعاملة وإطلاق الكلام يدفعه.
وقوله تعالى: " إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا " تعليل للامر بالتلطف وبيان لمصلحته.
ظهر على الشئ بمعنى اطلع عليه وعلم به وبمعنى ظفر به وقد فسرت الآية بكل من المعنيين والكلمة على ما ذكره الراغب مأخوذة من الظهر بمعنى الجارحة مقابل البطن فكان هو الأصل ثم استعير للأرض فقيل: ظهر الأرض مقابل بطنها ثم اخذ منه الظهور بمعنى الانكشاف مقابل البطون للملازمة بين الكون على وجه الأرض وبين الرؤية والاطلاع وكذا بينه وبين الظفر وكذا بينه وبين الغلبة عادة فقيل: ظهر عليه أي اطلع عليه وعلم بمكانه أو ظفر به أو غلبه ثم اتسعوا في الاشتقاق فقالوا: أظهر وظاهر وتظاهر واستظهر إلى غير ذلك.
وظاهر السياق أن يكون " يظهروا عليكم " بمعنى يطلعوا عليكم ويعلموا بمكانكم فإنه أجمع المعاني لان القوم كانوا ذوي أيد وقوة وقد هربوا واستخفوا منهم فلو اطلعوا عليهم ظفروا بهم وغلبوهم على ما أرادوا.
وقوله: " يرجموكم " أي يقتلوكم بالحجارة وهو شر القتل ويتضمن معنى النفرة والطرد، وفي اختيار الرجم على غيره من أصناف القتل إشعار بأن أهل المدينة عامة كانوا يعادونهم لدينهم فلو ظهروا عليهم بادروا إليهم وتشاركوا في قتلهم والقتل الذي هذا شأنه يكون بالرجم عادة.
وقوله: " أو يعيدوكم في ملتهم " الظاهر أن الإعادة مضمن معنى الادخال ولذا عدي بفي دون إلى.
وكان لازم دخولهم في ملتهم عادة وقد تجاهروا برفضها وسموها شططا من القول وافتراء على الله بالكذب - أن لا يقنع القوم بمجرد اعترافهم بحقية الملة صورة دون أن يثقوا بصدقهم في الاعتراف ويراقبوهم في أعمالهم فيشاركوا الناس في عبادة الأوثان والاتيان بجميع الوظائف الدينية التي لهم والحرمان عن العمل بشئ من شرائع الدين الإلهي والتفوه بكلمة الحق.