إنما يتنافيان على المعنى الأول، وكذا قولهم: " ربهم أعلم بهم " وخاصة حيث قالوا:
" ربهم " ولم يقولوا: ربنا أنسب بالمعنى الأول.
وقوله: " قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا " هؤلاء القائلون هم الموحدون ومن الشاهد عليه التعبير عما اتخذوه بالمسجد دون المعبد فإن المسجد في عرف القرآن هو المحل المتخذ لذكر الله والسجود له قال تعالى: " ومساجد يذكر فيها اسم الله " الحج: 40.
وقد جاء الكلام بالفصل من غير عطف لكونه بمنزله جواب عن سؤال مقدر كأن قائلا يقول فماذا قال غير المشركين؟ فقيل: قال الذين غلبوا الخ، وأما المراد بغلبتهم على أمرهم فإن كان المراد بأمرهم هو الامر المذكور في قوله: " إذ يتنازعون بينهم أمرهم " والضمير للناس فالمراد بالغلبة غلبه الموحدين بنجاحهم بالآية التي قامت على حقية البعث، وان كان الضمير للفتية فالغلبة من حيث التصدي لأمرهم والغالبون هم الموحدون وقيل الملك وأعوانه، وقيل أولياؤهم من أقاربهم وهو أسخف الأقوال.
وإن كان المراد بأمرهم غير الامر السابق والضمير للناس فالغلبة أخذ زمام أمور المجتمع بالملك وولاية الأمور، والغالبون هم الموحدون أو الملك وأعوانه وان كان الضمير عائدا إلى الموصول فالغالبون هم الولاة والمراد بغلبتهم على أمورهم أنهم غالبون على ما أرادوه من الأمور قادرون هذا، وأحسن الوجوه أولها.
والآية من معارك آراء المفسرين ولهم في مفرداتها وفى ضمائر الجمع التي فيها وفي جملها اختلاف عجيب والاحتمالات التي أبدوها في معاني مفرداتها ومراجع ضمائرها وأحوال جملها إذا ضربت بعضها في بعض بلغت الألوف، وقد أشرنا منها إلى ما يلائم السياق وعلى الطالب لأزيد من ذلك أن يراجع المطولات.
قوله تعالى: " سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم - إلى قوله - وثامنهم كلبهم " يذكر تعالى اختلاف الناس في عدد أصحاب الكهف وأقوالهم فيه، وهي على ما ذكره تعالى - وقوله الحق - ثلاثة مترتبة متصاعدة أحدها انهم ثلاثة رابعهم كلبهم والثاني أنهم خمسة وسادسهم كلبهم وقد عقبه بقوله: " رجما بالغيب أي قولا بغير علم.
وهذا التوصيف راجع إلى القولين جميعا: ولو اختص بالثاني فقط كان من حق