علم وطمأنينة نفس ولم يرجموا بالظن كما غيرهم، والدليل عليه أن الله سبحانه أتبع القولين الأولين قوله رجما بالغيب، وأتبع القول الثالث قوله: ما يعلمهم الا قليل، وقال ابن عباس: حين وقعت الواو انقطعت العدة أي لم يبق بعدها عدة عاد يلتفت إليها وثبت أنهم سبعة وثامنهم كلبهم على القطع والثبات انتهى.
وقال في المجمع في ذيل ما لخص به كلام أبي على الفارسي: وأما من قال: هذه الواو واو الثمانية واستدل بقوله: " حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها " لان للجنة ثمانية أبواب فشئ لا يعرفه النحويون انتهى.
قوله تعالى: " قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم الا قليل " إلى آخر الآية أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقضي في عدتهم حق القضاء وهو أن الله أعلم بها وقد لوح في كلامه السابق إلى القول وهذا نظير ما حكى عن الفتية في محاورتهم وارتضاء إذ قال قائل منهم كم لبثتم؟ قالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم. قالوا: ربكم أعلم بما لبثتم.
ومع ذلك ففي الكلام دلالة على أن بعض المخاطبين بخطاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ربي أعلم بعدتهم " الخ كان على علم من ذلك فإن قوله: " ما يعلمهم ولم يقل: لا يعلمهم يفيد نفى الحال فالاستثناء منه بقوله: " الا قليل " يفيد الاثبات في الحال واللائح منه على الذهن أنهم من أهل الكتاب.
وبالجملة مفاد الكلام أن الأقوال الثلاثة كانت محققة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى هذا فقوله: " سيقولون ثلاثة " الخ المفيد للاستقبال، وكذا قوله: " ويقولون خمسة " الخ، وقوله: " ويقولون سبعة " الخ ان كانا معطوفين على مدخول السين في " سيقولون " تفيد الاستقبال القريب بالنسبة إلى زمن نزول الآيات أو زمن وقوع الحادثة فافهم ذلك.
وقوله تعالى: " فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا قال الراغب: المرية التردد في الامر وهو أخص من الشك، قال: والامتراء والمماراة المحاجة فيما فيه مرية قال: وأصله من مريت الناقة إذا مسحت ضرعها للحلب. انتهى. فتسمية الجدال مماراة لما فيه من اصرار المماري بالبحث ليفرغ خصمه كل ما عنده من الكلام فينتهى عنه.
والمراد بكون المراء ظاهرا أن لا يتعمق فيه بالاقتصار على ما قصه القرآن من غير تجهيل لهم ولا رد كما قيل، وقيل: المراء الظاهر ما يذهب بحجة الخصم يقال ظهر: