إذا ذهب، قال الشاعر.
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها.
والمعنى: وإذا كان ربك أعلم وقد أنبأك نبأهم فلا تحاجهم في الفتية إلا محاجة ظاهرة غير متعمق فيها - أو محاجه ذاهبة لحجتهم - ولا تطلب الفتيا في الفتية من أحد منهم فربك حسبك.
قوله تعالى: " ولا تقولن لشئ اني فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله الآية الكريمة سواء كان الخطاب فيها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة أو له ولغيره متعرضة للامر الذي يراه الانسان فعلا لنفسه ويخبر بوقوعه منه في مستقبل الزمان.
والذي يراه القرآن في تعليمه الإلهي أن ما في الوجود من شئ ذاتا كان أو فعلا واثرا فإنما هو مملوك لله وحده له ان يفعل فيه ما يشاء ويحكم فيه ما يريد لا معقب لحكمه، وليس لغيره أن يملك شيئا الا ما ملكه الله تعالى منه وأقدره عليه وهو المالك لما ملكه والقادر على ما عليه اقدره والآيات القرآنية الدالة على هذه الحقيقة كثيرة جدا لا حاجة إلى ايرادها.
فما في الكون من شئ له فعل أو اثر - وهذه هي التي نسميها فواعل وأسبابا وعللا فعالة - غير مستقل في سببيته ولا مستغن عنه تعالى في فعله وتأثيره لا يفعل ولا يؤثر الا ما شاء الله ان يفعله ويؤثره اي اقدره عليه ولم يسلب عنه القدرة عليه بإرادة خلافة.
وبتعبير آخر كل سبب من الأسباب الكونية ليس سببا من تلقاء نفسه وباقتضاء من ذاته بل باقداره تعالى على الفعل والتأثير وعدم ارادته خلافه، وإن شئت فقل:
بتسهيله تعالى له سبيل الوصول إليه، وإن شئت فقل باذنه تعالى فالاذن هو الاقدار ورفع المانع وقد تكاثرت الآيات الدالة على أن كل عمل من كل عامل موقوف على اذنه تعالى قال تعالى: " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله " الحشر 5 وقال: " ما أصاب من مصيبة الا بإذن الله التغابن: 11 وقال والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه:
الأعراف: 58 وقال: " وما كان لنفس ان تموت الا باذن