مختلفان بحسب الغرض فإن الغرض هناك كان متعلقا بنفي العجب من آية الكهف بقياسها إلى آية جعل ما على الأرض زينة لها فالأنسب به استحقار المدة والغرض هيهنا بيان كون اللبث آية من آياته وحجة على منكري البعث والأنسب به استكثار المدة والمدة بالنسبتين تحتمل الوصفين فهي بالنسبة إليه تعالي شئ هين وبالنسبة إلينا دهر طويل.
وإضافة تسع سنين إلى ثلاثمائة سنة مدة اللبث تعطي أنهم لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنه شمسية فإن التفاوت في ثلاثمائة سنه إذا أخذت تارة شمسية واخرى قمرية بالغ هذا المقدار تقريبا ولا ينبغي الارتياب في أن المراد بالسنين في الآية السنون القمرية لان السنة في عرف القرآن هي القمرية المؤلفة من الشهور الهلالية وهي المعتبرة في الشريعة الاسلامية.
وفي التفسير الكبير شدد النكير على ذلك لعدم تطابق العددين تحقيقا وناقش في ما روي عن علي عليه السلام ع في هذا المعنى مع أن الفرق بين العددين الثلاث مائة شمسية والثلاث مائه وتسع سنين قمرية أقل من ثلاثة أشهر والتقريب في أمثال هذه النسب ذائع في الكلام بلا كلام.
قوله تعالى: " قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض " إلى آخر الآية مضي في حديث أصحاب الكهف بالإشارة إلى خلاف الناس في ذلك وأن ما قصه الله تعالى من قصتهم هو الحق الذي لا ريب فيه.
فقوله: قل الله أعلم بما لبثوا " مشعر بأن مدة لبثهم المذكورة في الآية السابقة لم تكن مسلمة عند الناس فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يحتج في ذلك بعلم الله وأنه أعلم بهم من غيره.
وقوله: " له غيب السماوات والأرض " تعليل لكونه تعالى أعلم بما لبثوا " واللام للاختصاص الملكي والمراد أنه تعالى وحده يملك ما في السماوات والأرض من غيب غير مشهود فلا يفوته شئ وإن فات السماوات والأرض، وإذ كان مالكا للغيب بحقيقي معنى الملك وله كمال البصر والسمع فهو أعلم بلبثهم الذي هو من الغيب.
وعلى هذا فقوله: " أبصر به واسمع " - وهما من صيغ التعجب معناهما كمال