تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٣ - الصفحة ٢٦٦
وحصلت الدلالة الإلهية ثم إن الله قبضهم إليه فلم يلبثوا أحياء بعد انبعاثهم إلا سويعات ارتفعت بها عن الناس شبهتهم في أمر البعث وعندئذ قال المشركون ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم. وفي قوله: " ربهم أعلم بهم " إشارة إلى وقوع خلاف بين الناس المجتمعين عليهم أمرهم، فإنه كلام آيس من العلم بهم واستكشاف حقيقة أمرهم يلوح منه أن القوم تنازعوا في شئ مما يرجع إليهم فتبصر فيه بعضهم ولم يسكن الآخرون إلى شئ ولم يرتضوا رأي مخالفيهم فقالوا: ابنوا لهم بنيانا ربهم أعلم بهم.
فمعنى الجملة أعني قوله: " ربهم أعلم بهم " يتفاوت بالنظر إلى الوجهين المتقدمين في قوله: " إذ يتنازعون بينهم أمرهم " إذ للجملة على أي حال نوع تفرع على تنازع بينهم كما عرفت آنفا فإن كان التنازع المدلول عليه بقوله: " إذ يتنازعون بينهم أمرهم " هو التنازع في أمر البعث بالاقرار والانكار لكون ضمير " أمرهم " للناس كان المعنى انهم تنازعوا في أمر البعث فأعثرناهم عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها لكن المشركين لم ينتهوا بما ظهرت لهم من الآية فقالوا ابنوا على أصحاب الكهف بنيانا واتركوهم على حالهم ينقطع عنهم الناس فلم يظهر لنا من أمرهم شئ ولم نظفر فيهم على يقين ربهم أعلم، بهم وقال الموحدون أمرهم ظاهر وآيتهم بينة ولنتخذن عليهم مسجدا يعبد فيه الله ويبقى ببقائه ذكرهم.
وان كان التنازع هو التنازع في أصحاب الكهف وضمير " أمرهم " راجعا إليهم كان المعنى أنا أعثرنا الناس عليهم بعد بعثهم عن نومتهم ليعلم الناس أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها عند ما توفاهم الله بعد اعثار الناس عليهم وحصول الغرض وهم أي الناس يتنازعون بينهم في أمرهم أي أمر أصحاب الكهف كأنهم اختلفوا: أنيام القوم أم أموات؟ وهل من الواجب أن يدفنوا ويقبروا أو يتركوا على هيئتهم في فجوة الكهف فقال المشركون: ابنوا عليهم بنيانا واتركوهم على حالهم ربهم أعلم بهم أنيام أم أموات؟ قال الموحدون: " لنتخذن عليهم مسجدا ".
لكن السياق يؤيد المعنى الأول لان ظاهره كون قول الموحدين: " لنتخذن عليهم مسجدا " ردا منهم لقول المشركين: " ابنوا عليهم بنيانا الخ " والقولان من الطائفتين
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الإسراء 5
2 (9 - 22) كلام في القضاء في فصول (بحث روائي) 72
3 1 - تحصيل معناه وتحديده 72
4 2 - نظرة فلسفية في معنى القضاء 72
5 3 - الروايات 73
6 (23 - 39) كلام في حرمة الزنا (بحث قرآني) 74
7 (66 - 72) كلام في الفضل بين الانسان والملك (بحث مختلط) 160
8 (82 - 100) في تعلق القضاء بالشرور (بحث فلسفي) 187
9 (82 - 100) كلام في سنخية الفعل وفاعله (بحث قرآني) 194
10 (82 - 100) تعقيب البحث من جهة القرآن (بحث قرآني) 194
11 (101 - 111) في نزول القرآن نجوما في فصول 194
12 (101 - 111) 1 - في انقسامات القرآن 230
13 (101 - 111) 2 - في عدد السور 232
14 (101 - 111) 3 - في ترتيب السور 233
15 سورة الكهف 235
16 (سورة الكهف) كلام حول قصة أصحاب الكهف في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 290
17 (9 - 26) 1 - الروايات 290
18 2 - قصة أصحاب الكهف في القرآن 292
19 3 - القصة عند غير المسلمين 294
20 4 - أين كهف أصحاب الكهف؟ 295
21 (60 - 82) بحث في فصلين (بحث تاريخي) 350
22 قصة موسى والخضر في القرآن 350
23 (83 - 102) كلام حول قصة ذي القرنين في فصول (بحث قرآني وتاريخي) 378
24 1 - قصة ذي القرنين في القرآن 378
25 2 - ذكرى ذي القرنين والسد ويأجوج ومأجوج في أخبار الماضين 379
26 3 - من هو ذو القرنين وأين سده والأقوال فيه 381
27 4 - معنى صيرورة السد دكاء كما أخبر به القرآن 396