راقد وهو النائم، وفي الكلام تلويح إلى أنهم كانوا مفتوحي الأعين حال نومهم كالايقاظ.
وقوله: " ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال " أي ونقلبهم جهة اليمين وجهة الشمال، والمراد نقلبهم تارة من اليمين إلى الشمال وتارة من الشمال إلى اليمين لئلا تأكلهم الأرض، ولا تبلى ثيابهم ولا تبطل قواهم البدنية بالركود والخمود طول المكث.
وقوله: " وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد " الوصيد فناء البيت وقيل: عتبه الدار والمعنى كانوا على ما وصف من الحال والحال أن كلبهم مفترش بذراعيه باسط لهما بفناء الكهف وفيه إخبار بأنهم كان لهم كلب يلازمهم وكان ماكثا معهم طول مكثهم في الكهف.
وقوله: " لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا " بيان أنهم وحالهم هذا الحال كان لهم منظر موحش هائل لو أشرف عليهم الانسان فر منهم خوفا من خطرهم تبعدا من المكروه المتوقع من ناحيتهم وملا قلبه الروع والفزع رعبا وسرى إلى جميع الجوارح فملا الجميع رعبا، والكلام في الخطاب الذي في قوله " لوليت " وقوله: " ولملئت " كالكلام في الخطاب الذي في قوله: " وترى الشمس ".
وقد بان بما تقدم من التوضيح أولا: الوجه في قوله: ولملئت منهم رعبا " ولم يقل ولملئ قلبك رعبا.
وثانيا: الوجه في ترتيب الجملتين: " لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا " وذلك أن الفرار وهو التبعد من المكروه معلول لتوقع وصول المكروه تحذرا منه، وليس بمعلول للرعب الذي هو الخشية وتأثر القلب، والمكروه المترقب يجب أن يتحذر منه سواء كان هناك رعب أو لم يكن.
فتقديم الفرار على الرعب ليس من قبيل تقديم المسبب على سببه بل من تقديم حكم الخوف على الرعب وهما حالان متغايران قلبيان، ولو كان بدل الخوف من الرعب لكان من حق الكلام تقديم الجملة الثانية وتأخير الأولى وأما بناء على ما ذكرناه فتقديم حكم الخوف على حصول الرعب وهما جميعا أثران للاطلاع على منظرهم الهائل الموحش أحسن وأبلغ لان الفرار أظهر دلالة على ذلك من الامتلاء بالرعب.