الأصنام كسائر المشركين. وكذا قول بعض آخر يجوز: إنه كان فيهم من يعبد الله مع عبادة الأصنام فيكون الاستثناء متصلا في غير محله، إذ لم يعهد من الوثنيين عبادة الله سبحانه مع عبادة الأصنام، وفلسفتهم لا تجيز ذلك، وقد أشرنا إلى حجتهم في ذلك آنفا.
قوله تعالى: " وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال " إلى آخر الآيتين التزاور هو التمايل مأخوذ من الزور بمعنى الميل والقرض القطع والفجوة المتسع من الأرض وساحة الدار والمراد بذات اليمين وذات الشمال الجهة التي تلي اليمين أو الشمال أو الجهة ذات اسم اليمين أو الشمال وهما جهتا اليمين والشمال.
وهاتان الآيتان تمثلان الكهف ومستقرهم منه ومنظرهم وما يتقلب عليهم من الحال أيام لبثهم فيه وهم رقود والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بما أنه سامع لا بما أنه هو، وهذا شائع في الكلام، والخطاب على هذا النمط يعم كل سامع من غير أن يختص بمخاطب خاص.
فقوله وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه " يصف موقع الكهف وموقعهم فيه وهم نائمون وأما إنامتهم فيه بعد الاوي إليه ومدة لبثهم فيه فقد اكتفى في ذلك بما أشير إليه في الآيات السابقة من إنامتهم ولبثهم وما سيأتي من قوله: " ولبثوا في كهفهم " " الخ " إيثارا للايجاز.
والمعنى: وترى أنت وكل راء يفرض اطلاعه عليهم وهم في الكهف يرى الشمس إذا طلعت تتزاور وتتمايل عن كهفهم جانب اليمين فيقع نورها عليه، وإذا غربت تقطع جانب الشمال فيقع شعاعها عليه وهم في متسع من الكهف لا تناله الشمس.
وقد أشار سبحانه بذلك إلى أن الكهف لم يكن شرقيا ولا غربيا لا يقع عليه شعاع الشمس إلا في أحد الوقتين بل كان قطبيا يحاذي ببابه القطب فيقع شعاع الشمس على أحد جانبيه من داخل طلوعا وغروبا، ولا يقع عليهم لانهم كانوا في متسع منه فوقاهم الله بذلك من أن يؤذيهم حر الشمس أو يغير ألوانهم أو يبلي ثيابهم بل كانوا