الآيات يونس: 47.
وذكر بعضهم: أن المراد بالقرى في الآية القرى الكافرة وأن تعميم القرى لا يساعد عليه السياق انتهى. وهو دعوى لا دليل عليها.
وقوله: " كان ذلك في الكتاب مسطورا " أي اهلاك القرى أو تعذيبها عذابا شديدا كان في الكتاب مسطورا وقضاء محتوما، وبذلك يظهر أن المراد بالكتاب اللوح المحفوظ الذي يذكر القرآن أن الله كتب فيه كل شئ كقوله: " وكل شئ أحصيناه في امام مبين " يس: 12، وقوله: " وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر الا في كتاب مبين: يونس: 61.
ومن غريب الكلام ما ذكره بعضهم: وذكر غير واحد أنه ما من شئ الا بين فيه أي في اللوح المحفوظ والكتاب المسطور بكيفياته وأسبابه الموجبة له ووقته المضروب له، واستشكل العموم بأنه يقتضي عدم تناهي الابعاد، وقد قامت البراهين النقلية والعقلية على خلاف ذلك فلا بد أن يقال بالتخصيص بأن يحمل الشئ على ما يتعلق بهذه النشأة أو نحو ذلك.
وقال بعضهم: بالعموم إلا أنه التزم كون البيان على نحو يجتمع مع التناهي فاللوح المحفوظ في بيانه جميع الأشياء الدنيوية والأخروية وما كان وما يكون نظير الجفر الجامع في بيانه لما يبينه. انتهى.
والكلام مبني على كونه لوحا جسمانيا موضوعا في بعض أقطار العالم مكتوبا فيه أسماء الأشياء وأوصافها وأحوالها وما يجري عليها في الأنظمة الخاصة بكل منها والنظام العام الجاري عليها من جميع الجهات، ولو كان كما يقولون لوحا ماديا جسمانيا لم يسع كتابة أسماء أجزائه التي تألف منها جسمه وتفصيل صفاتها وحالاتها فضلا عن غيره من الموجودات التي لا يحصيها ولا يحيط بتفاصيل صفاتها وأحوالها وما يحدث عليها والنسب التي بينها الا الله سبحانه، وليس ينفع في ذلك التخصيص بما في هذه النشأة أو بما دون ذلك وهو ظاهر.
وما التزم به البعض أنه من قبيل انطواء غير المتناهي في المتناهي نظير اشتمال