وكيف يملكون من عند أنفسهم كشف ضر أو تحويله ويستقلون بقضاء حاجة ورفع فاقة وهم في أنفسهم مخلوقون لله يبتغون إليه الوسيلة يرجون رحمته ويخافون عذابه باعتراف من المشركين.
فقد بان أولا أن المراد بقوله: " الذين زعمتم من دونه " هم الذين كانوا يعبدونهم من الملائكة والجن والانس فإنهم إنما يقصدون بعبادة الأصنام التقرب إليهم وكذا بعبادة الشمس والقمر والكواكب التقرب إلى روحانيتهم من الملائكة.
على أن الأصنام بما هي أصنام ليست بأشياء حقيقية كما قال تعالى: " إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ".
وأما ما صنعت منه من خشب أو فلز فليس إلا جمادا حاله حال الجماد في التقرب إليه والسجود له وتسبيحه، وليست من تلك الجهة بأصنام.
وثانيا: أن المراد بنفي قدرتهم نفي استقلالهم بالقدرة من دون استعانة بالله واستمداد من إذنه والدليل عليه قوله سبحانه في الآية التالية: " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة الخ.
وقال بعض المفسرين: وكأن المراد من نفي ملكهم ذلك نفى قدرتهم التامة الكاملة عليه، وكون قدره الالهة الباطلة مفاضة منه تعالى مسلم عند الكفرة لانهم لا ينكرون أنها مخلوقة لله تعالى بجميع صفاتها وأن الله سبحانه أقوى وأكمل صفة منها.
وبهذا يتم الدليل ويحصل الافحام وإلا فنفي قدرة نحو الجن والملائكة الذين عبدوا من دون الله تعالى مطلقا على كشف الضر مما لا يظهر دليله فإنه إن قيل هو أن الكفرة يتضرعون إليهم ولا يحصل لهم الإجابة عورض بأنا نرى أيضا المسلمين يتضرعون إلى الله تعالى ولا يحصل لهم الإجابة.
وقد يقال: المراد نفي قدرتهم على ذلك أصلا ويحتج له بدليل الأشعري على استناد جميع الممكنات إليه عز وجل ابتداء انتهى. قلت: هو سبحانه يثبت في كلامه أنواعا من القدرة للملائكة والجن والانس في آيات كثيرة لا تقبل التأويل البتة غير أنه يخص حقيقة القدرة بنفسه في مثل قوله