النوعين فلا فائدة في إنزالها.
وثانيهما: أن المعنى أنا لا نرسل الآيات لان آباءكم وأسلافكم سألوا مثلها ولم يؤمنوا به عند ما نزل وأنتم على آثار أسلافكم مقتدون فكما لم يؤمنوا هم لا تؤمنون أنتم.
والمعنى الثاني منقول عن أبي مسلم وتمييزه من المعنيين السابقين من غير أن ينطبق على أحدهما لا يخلو من صعوبة.
وقوله: " وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها " ثمود هم قوم صالح ولقد آتاهم الناقة آية والمبصرة الظاهرة البينة على حد ما في قوله تعالى: " وجعلنا آية النهار مبصرة: اسرى 12، وهي صفة الناقة أو صفة لمحذوف والتقدير آية مبصرة والمعنى وآتينا قوم ثمود الناقة حالكونها ظاهرة بينة أو حالكونها آية ظاهرة بينة فظلموا أنفسهم بسببها أو ظلموا مكذبين بها.
وقوله: " وما نرسل بالآيات الا تخويفا " اي ان الحكمة في الارسال بالآيات التخويف والانذار فإن كانت من الآيات التي تستتبع عذاب الاستئصال ففيها تخويف بالهلاك في الدنيا وعذاب النار في الآخرة، وإن كانت من غيرها ففيها تخويف وإنذار بعقوبة العقبى.
وليس من البعيد ان يكون المراد بالتخويف إيجاد الخوف والوحشة بارسال ما دون عذاب الاستئصال على حد ما في قوله تعالى: " أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤف رحيم " النحل: 47 فيرجع محصل معنى الآية انا لا نرسل بالآيات المقترحة لأنا لا نريد ان نعذبهم بعذاب الاستئصال وإنما نرسل ما نرسل من الآيات تخويفا ليحذروا بمشاهدتها عما هو أشد منها وأفظع ونسب الوجه إلى بعضهم.
قوله تعالى: " وإذ قلنا لك ان ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم الا طغيانا كبيرا " فقرات الآية وهي أربع واضحة المعاني لكنها بحسب ما بينها من الاتصال وارتباط بعضها ببعض لا تخلد من إجمال والسبب الأصلي في ذلك إجمال الفقرتين الوسطيين الثانية والثالثة.