انتهى. وهو معنى لا ينطبق على لفظ الآية البتة.
قوله تعالى: " وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا " ذكروا أن المراد بالعذاب الشديد عذاب الاستئصال فيبقى للاهلاك المقابل له الإماتة بحتف الانف فالمعنى ما من قرية إلا نحن نميت أهلها قبل يوم القيامة أو نعذبهم عذاب الاستئصال قبل يوم القيامة إذ لا قرية بعد طي بساط الدنيا بقيام الساعة وقد قال تعالى: " وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا " الكهف: 8 ولذا قال بعضهم: إن الا هلاك للقرى الصالحة والتعذيب للقرى الطالحة.
وقد ذكروا في وجه اتصال الآية أنها موعظة، وقال بعضهم: كأنه تعالى بعد ما ذكر من شأن البعث والتوحيد ما ذكر، ذكر بعض ما يكون قبل يوم البعث مما يدل على عظمته سبحانه وفيه تأييد لما ذكر قبله.
والظاهر أن في الآية عطفا على ما تقدم من قوله قبل آيات: " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " فإن آيات السورة لا تزال ينعطف بعضها على بعض، والغرض العام بيان سنة الله تعالى الجارية بدعوتهم إلى الحق ثم إسعاد من سعد منهم بالسمع والطاعة وعقوبة من خالف منهم وطغى بالاستكبار.
وعلى هذا فالمراد بالاهلاك التدمير بعذاب الاستئصال كما نقل عن أبي مسلم المفسر والمراد بالعذاب الشديد ما دون ذلك من العذاب كقحط أو غلاء ينجر إلى جلاء أهلها وخراب عمارتها أو غير ذلك من البلايا والمحن.
فتكون في الآية إشارة إلى أن هذه القرى سيخرب كل منها بفساد أهلها وفسق مترفيها، وأن ذلك بقضاء من الله سبحانه كما يشير إليه ذيل الآية وبذلك يتضح اتصال الآية التالية " وما منعنا " الخ بهذه الآية فإن المعنى أنهم مستعدون للفساد مهيؤن لتكذيب الآيات الإلهية وهي تتعقب بالهلاك والفناء على من يردها ويكذب بها وقد أرسلناها إلى الأولين فكذبوا بها واستؤصلوا فلو انا أرسلنا إلى هؤلاء شيئا من جنس تلك الآيات المخوفة لحق بهم الاهلاك والتدمير وانطوى بساط الدنيا فأمهلناهم حتى حين وسيلحق بهم ولا يتخطاهم - كما أشير إليه في قوله: " ولكل أمة رسول "