تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٣٠٧
والقدرة المتعلقة به متعلقة بالجميع بعينه وليست هناك إلا قدرة واحدة متعلقة بالجميع يوجد بها كل شئ في موطنه الخاص به وهى مطلقة غير مقيدة لا اختلاف للأشياء بالنسبة إليها وانما الاختلاف بينها أنفسها.
فقد تبين مما تقدم ان عموم القدرة يوجب ارتفاع الاختلاف من بين الأشياء بالنسبة إليها بالسهولة والصعوبة وغير ذلك والآية الكريمة من غرر الآيات القرآنية يتبين بها اولا إن حقيقة المعاد ظهور حقيقة الأشياء بعد خفائها.
وثانيا إن القدرة الإلهية تتعلق بجميع الأشياء على نعت سواء من غير اختلاف بالسهولة والصعوبة والقرب والبعد وغير ذلك.
وثالثا إن الأشياء بحسب الحقيقة مرتبطة وجودا بحيث ان ايجاد الواحد منها ايجاد الجميع والجميع متعلق قدرة واحدة لا مؤثر فيها غيرها.
نعم هناك نظر آخر ابسط من ذلك وهو النظر فيها من جهة نظام الأسباب والمسببات وقد صدقه الله في كلامه كما تقدم بيانه في البحث عن الاعجاز في الجزء الأول من الكتاب وبهذه النظرة ينفصل الأشياء بعضها عن بعض ويتوقف وجود بعضها على وجود بعض أو عدمه فتتقدم وتتأخر وتسهل وتصعب وتكون الأسباب وسائط بينها وبينه تعالى ويكون تعالى فاعلا بوساطة الأسباب وهو نظر بسيط.
وقد ذكر كثير من المفسرين في قوله ولله غيب السماوات والأرض انه بحذف مضاف والتقدير ولله علم غيب الخ وفيه إنه يستلزم ارتفاع الاتصال بين هذه الجملة وبين ما يليها إذ لا رابطة بين علم الغيب وبين هوان أمر الساعة فتعود الجملة مستدركة مستغنى عنها في الكلام.
وقول بعضهم في رفع الاستدراك ان صدر الآية وذيلها يثبتان العلم والقدرة وبهما معا يتم خلق الساعة غير مفيد فإنهم انما استشكلوا في الساعة من جهة القدرة لعدهم إياها ممتنعة فلا حاجة إلى التشبث لاثباتها بمسألة العلم ويشهد لذلك ما في سائر الآيات المثبتة لامكان المعاد بعموم القدرة.
وذكر بعضهم ان المراد به علم غيبهما لا بتقدير العلم في الكلام حتى يقال إن الأصل عدمه بل لان إضافة الغيب وهو ما يغيب عن الحس والعقل إلى السماوات
(٣٠٧)
مفاتيح البحث: الكرم، الكرامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست