تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢١٨
الأشياء الغائبة عن الحس وهى كل آية وامارة طبيعية أو وضعية تدل على مدلولها ومنها الشواخص والنصب واللغات والإشارات والخطوط وغيرها.
ثم ذكر سبحانه الاهتداء بالنجوم فقال وبالنجم هم يهتدون ولعل الالتفات فيه من الخطاب إلى الغيبة للتحرز عن تكرار تهتدون بصيغة الخطاب في آخر الآيتين.
والآية السابقة وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين المتضمنة لمسألة الهداية المعنوية التي هي كالمعترضة بين الآيات العادة للنعم الصورية وان كان الأنسب ظاهرا ان يوضع بعد هذه الآية أعني قوله وبالنجم هم يهتدون المتعرضة هي وما قبلها للهداية الصورية غير أن ذلك لم يكن خاليا من اللبس وايهام التناقض بخلاف موقعها الذي هي واقعة فيه وان كانت كالمعترضة كما هو ظاهر.
قوله تعالى: " أفمن يخلق كمن لا يخلق إلى قوله إلهكم اله واحد " الآيات تقرير اجمالي للحجة المذكورة تفصيلا في ضمن الآيات الست عشرة الماضية واستنتاج للتوحيد وهى حجة واحدة أقيمت لتوحيد الربوبية وملخصها ان الله سبحانه خالق كل شئ فهو الذي أنعم بهذه النعم التي لا يحيط بها الاحصاء التي ينتظم بها نظام الكون وهو تعالى عالم بسرها وعلنها فهو الذي يملك الكل ويدبر الامر فهو ربها وليس شئ مما يدعونه على شئ من هذه الصفات فليست أربابا فالإله واحد لا غير وهو الله عز اسمه.
ومن هنا يظهر فساد ما ذكره بعضهم ان الآيات تثبت التوحيد من طريقين طريق الخلقة وطريق النعمة بيان الفساد ان طريق الخلقة وحدها انما تثبت الصانع ووحدانيته في الخلق والايجاد والوثنيون واليهم وجه الكلام في الآيات لا ينكرون وجود الصانع ولا ان الله سبحانه خالق الكل حتى أوثانهم وان أوثانهم ليسوا بخالقين لشئ وانما يدعون لأوثانهم تدبير أمر العالم بتفويض من الله لذلك إليهم والشفاعة عند الله فلا يفيد اثبات الصانع تجاه هؤلاء شيئا.
وانما سيقت آيات الخلقة لتثبيت أمر النعمة إذ من البين انه إذا كان الله سبحانه خالقا لكل شئ موجودا له كانت آثار وجودات الأشياء وهى النعم التي يتنعم بها
(٢١٨)
مفاتيح البحث: الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست