تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢٢٠
لبعض فللنعمة الإلهية من السعة والعرض ما لمغفرته ورحمته من ذلك فان تعدوا نعمة الله لا تحصوها فافهم ذلك.
والآية من الموارد التي استعملت فيها المغفرة في غير الذنب والمعصية للامر المولوي كما هو المعروف عند المتشرعة.
وقوله والله يعلم ما تسرون وما تعلنون إشارة إلى الركن الثالث من أركان الربوبية وهو العلم فان الاله لو كان غير متصف بالعلم استوت العبادة واللاعبادة بالنسبة إليه فكانت عبادته لغوا لا اثر لها.
فمن الواجب في الرب المعبود ان يكون له علم ولا كل علم كيفما كان بل العلم بظاهر من يعبده وباطنه فان العبادة متقومة بالنية فهى انما تقع عبادة حقيقة إذا اتى بها عن نية صالحة وهو مما يرجع إلى الضمير فلا يتم العلم بكون صورة العبادة واجدة لحقيقة معناها الا بعد إحاطة المعبود بظاهر من يعبده وباطنه لكن الله سبحانه عليم بما يسره الانسان وما يعلنه كما أنه خالق منعم ويستحق بذلك ان يعبد.
ومن هنا يظهر وجه اختيار ما في الآية من التعبير لبيان علمه فلم يعبر بمثل قوله عالم الغيب والشهادة وقوله والله بكل شئ عليم بل قال والله يعلم ما تسرون وما تعلنون فذكر العلم بالاسرار والاعلان واضافه إلى الانسان لان الكلام في عبادة الانسان لربه والواجب في العلم بالعبادة المرتبطة بعمل الجوارح والقلب جميعا ان يكون عالما بما يسره الانسان وما يعلنه من النية القلبية والأحوال والحركات البدنية.
وقوله والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون إشارة إلى فقدان الركن الأول من أركان الربوبية في آلهتهم الذين يدعون من دون الله ويتفرع عليه الركن الثاني وهو إيتاء النعمة فليس الذين يدعونهم آلهة وأربابا والله الرب.
وقوله اموات غير احياء وما يشعرون ايان يبعثون إشارة إلى فقدان الركن الثالث من أركان الربوبية في أصنامهم وهو العلم بما يسرون وما يعلنون وقد بالغ في نفى ذلك فنفى أصل الحياة المستلزم لنفى مطلق العلم فضلا عن نوعه الكامل الذي هو العلم بما يسرون وما يعلنون فقال اموات غير احياء فأثبت الموت اولا
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست