تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ٢١٥
قوله تعالى: " ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات " الخ الزيتون شجر معروف ويطلق على ثمره أيضا يقال انه اسم جنس جمعي واحده زيتونة وكذا النخيل ويطلق على الواحد والجمع والأعناب جمع عنبة وهى ثمرة شجرة الكرم ويطلق على نفس الشجرة كما في الآية والسياق يفيد ان قوله ومن كل الثمرات تقديره ومن كل الثمرات انبت أشجارها ولعل التصريح بأسماء هذه الثمرات الثلاث بخصوصها وعطف الباقي عليها لكونها مما يقتات بها غالبا.
ولما كان في هذا التدبير العام الوسيع الذي يجمع شمل الانسان والحيوان في الارتزاق به حجة على وحدانيته تعالى في الربوبية ختم الآية بقوله ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون.
قوله تعالى: " وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر " إلى آخر الآية قد تكرر الكلام في معنى تسخير الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم ولكون كل من المذكورات وكذا مجموع الليل والنهار ومجموع الشمس والقمر والنجوم ذا خواص وآثار في نفسه من شأنه ان يستقل باثبات وحدانيته في ربوبيته تعالى ختم الآية بقوله ان في ذلك لايات لقوم يعقلون فجمع الآيات في هذه الآية بخلاف الآيتين السابقة واللاحقة.
قوله تعالى: " وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا الوانه ان في ذلك لاية لقوم يذكرون " الذرء الخلق واختلاف ألوان ما ذرأه في الأرض غير ما مر كما يختلف ألوان المعادن وسائر المركبات العنصرية التي ينتفع بها الانسان في معاشه ولا يبعد ان يكون اختلاف الألوان كناية عن الاختلاف النوعي بينها فتقرب الآية مضمونا من قوله تعالى: " وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل " الرعد: 4 وقد تقدم تقريب الاستدلال به واختلاف الألوان فيما ذرأ في الأرض كانبات الشجر والثمر أمر واحد يستدل به على وحدانيته في الربوبية ولذا قال إن في ذلك لاية ولم يقل لايات.
وهذه حجج ثلاث نسب الأولى إلى الذين يتفكرون والثانية إلى الذين
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست