تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٧
قومه فيبين لهم ما يسعدهم مما يشقيهم واما ضلال من ضل من الناس كهدى من اهتدى منهم فبمشية من الله واذنه وحاشاه ان يقهر في سلطانه أو يتصرف في ملكه أحد بغير اذنه.
فضلال من ضل منهم دليل عزته فضلا ان يكون ناقضا لها كما أن هدى من اهتدى كذلك ولذلك ذيل الكلام بقوله وهو العزيز الحكيم فهو سبحانه عزيز لا يغلبه ولا يضره ضلال من ضل منهم ولا ينفعه هدى من اهتدى حكيم لا يشاء ما شاء جزافا وعبثا بل عن نظام متقن دائمي قوله تعالى: " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن اخرج قومك من الظلمات إلى النور " إلى آخر الآية إذ كان الكلام في السورة مبنيا على الانذار والتذكير بعزة الله سبحانه ناسب ان يذكر ارسال موسى بالآيات لهداية قومه فان قصة رسالته من أوضح مصاديق ظهور العزة الإلهية من بين الرسل وقد قال تعالى فيه: " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين " المؤمن: 23 وقال حاكيا عنه عليه السلام: " وان لا تعلوا على الله انى آتيكم بسلطان مبين " الدخان: 19.
فوزان الآية أعني قوله ولقد أرسلنا موسى بآياتنا ان اخرج قومك من الظلمات إلى النور من قوله كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور باذن ربهم وزان التنظير بداعي التأييد وتطييب النفس كما في قوله: " إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده " النساء: 163.
واما ما ذكر بعضهم ان الآية شروع في تفصيل ما أجمل في قوله وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم فبعيد كل البعد ونظيره في البعد قول بعضهم ان المراد بالآيات التي ارسل بها موسى آيات التوراة دون المعجزات التي ارسل عليه السلام بها كالثعبان واليد البيضاء وغيرهما.
على أن الله سبحانه وتعالى لم يعد في كلامه التوراة من آيات رسالة موسى ولا ذكر انه أرسله بها قط وانما ذكر انه أنزلها عليه وآتاه إياها.
(١٧)
مفاتيح البحث: العزّة (2)، الضلال (2)، الضرر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»
الفهرست