تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٥
ويظهر بما تقدم فساد قول بعضهم ان المراد بقوله يبغونها عوجا يبغون لها عوجا أي يطلبون لها زيغا واعوجاجا حتى يعيبوها به ويصدوا الناس عنها بسببه.
وقول بعضهم المعنى يطلبون ان يروا فيها عوجا يكون قادحا فيقدحوا فيها به.
وقول بعضهم المعنى يطلبون لأهلها ان يعوجوا وينحرفوا بالرد فهو المراد بطلبهم الدين منحرفا وانحرافه فساد ما عند المؤمنين من معارفه وفساد هذه الأقوال ظاهر.
قوله تعالى وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم إلى آخر الآية.
اللسان هو اللغة قال تعالى: " بلسان عربي مبين " الشعراء: 195.
والضمير في قومه عائد إلى رسول وفي لهم إلى قومه والمحصل ما أرسلنا من رسول الا بلسان قوم ذلك الرسول ليبين لقومه ومن الخطأ ارجاع ضمير قومه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليفيد ان الله سبحانه كان يوحى إلى جميع الرسل بالعربية لفساد المعنى بذلك لرجوع ضمير لهم إلى قومه فيفيد ان الله انزل التوراة لموسى مثلا بالعربية ليبين للعرب كما في الكشاف.
والمراد بإرسال الرسول بلسان قومه ارساله بلسان القوم الذين كان يعيش فيهم ويخالطهم ويعاشرهم وليس المراد به الارسال بلسان القوم الذين هو منهم نسبا لأنه سبحانه يصرح بمهاجرة لوط عليه السلام من كلدة وهم سريانية اللسان إلى المؤتفكات وهم عبرانيون وسماهم قومه وأرسله إليهم ثم أنجاه وأهله الا امرأته وهى منهم وأهلكهم قال تعالى: " فآمن له لوط وقالى انى مهاجر إلى ربى " العنكبوت: 26 وفي مواضع من كلامه تعالى قوم لوط.
واما من ارسل إلى أزيد من أمة وهم اولوا العزم من الرسل فمن الدليل على أنهم كانوا يدعون أقواما من غير أهل لسانهم ما حكاه الله من دعوة إبراهيم عليه السلام عرب الحجاز إلى الحج ودعوة موسى عليه السلام فرعون وقومه إلى الايمان وعموم دعوة
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست