خصوص قومه صلى الله عليه وآله وسلم ولا خصوص المؤمنين منهم إذ لا دليل على التقييد من جهة اللفظ وكلامه تعالى صريح في عموم الرسالة كقوله: " ليكون للعالمين نذيرا " الفرقان: 1 وقوله: " لأنذركم به ومن بلغ " الانعام: 19 وقوله: " قل يا أيها الناس انى رسول الله إليكم جميعا " الأعراف: 158 والآيات الصريحة في دعوة اليهود وعامة أهل الكتاب وعمله صلى الله عليه وآله وسلم في دعوتهم وقبول ايمان من آمن منهم كعبد الله بن سلام وسلمان وبلال وصهيب وغيرهم تؤيد ذلك.
على أن آخر السورة هذا بلاغ: " للناس ولينذروا به " الآية وقد قوبل به اولها يؤيد ان المراد بالناس أعم من المؤمنين الذين خرجوا من الظلمات إلى النور بالفعل.
وقد نسب الاخراج من الظلمات إلى النور إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكونه أحد الأسباب الظاهرية لذلك واليه ينتهى ايمان المؤمنين بدعوته بلا واسطة أو بواسطة ولا ينافيه قوله: " انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء " القصص: 56 فان الآية انما تنفى أصالته صلى الله عليه وآله وسلم في الهداية واستقلاله فيها من غير أن تنفى عنه مطلق الهداية حتى ما يكون على نحو الوساطة وباذن من الله تعالى والدليل عليه قوله تعالى: " وانك لتهدى إلى صراط مستقيم " الشورى: 52 ولذلك قيد سبحانه قوله لتخرج بقوله باذن ربهم.
والمراد بالظلمات والنور: الضلال والهدى وقد تكرر في كلامه تعالى اعتبار الهدى نورا وعد الضلال ظلمة وجمع الظلمات دون النور لان الهدى من الحق والحق واحد لا تغاير بين اجزائه ومصاديقه ولا كثرة بخلاف الضلال فإنه من اتباع الهوى والأهواء مختلفة متغاير بعضها مع بعض لا وحدة بينها ولا اتحاد لابعاضها ومصاديقها قال تعالى: " وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " الانعام: 153.
واللام في قوله لتخرج الناس الخ لام الغرض بناء على عموم الناس كما هو ظاهر الآية وليس بلام العاقبة إذ لو كان كذلك لكان الناس كلهم مؤمنين والمعلوم خلافه.