تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٣٨
الثلاث البروج جمع برج وهو القصر سميت بها منازل الشمس والقمر من السماء بحسب الحس تشبيها لها بالقصور التي ينزلها الملوك.
والضمير في قوله وزيناها للسماء كما في قوله وحفظناها وتزيينها للناظرين هو ما نشاهده في جوها من البهجة والجمال الذي يوله الألباب بنجومها الزاهرة وكواكبها اللامعة على اختلاف أقدارها وتنوع لمعاتها وقد كرر سبحانه ذكر هذا التزيين الكاشف عن مزيد عنايته به كقوله: " وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا " حم السجدة: 12 وقوله: " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملا الاعلى ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب " الصافات: 10.
واستراق السمع اخذ الخبر المسموع في خفية كمن يصغى خفية إلى حديث قوم يسرونه فيما بينهم واستراق السمع من الشياطين هو محاولتهم ان يطلعوا على بعض ما يحدث به الملائكة فيما بينهم كما يدل عليه ما تقدم آنفا من آيات سورة الصافات.
والشهاب هو الشعلة الخارجة من النار ويطلق على ما يشاهد في الجو من اجرام مضيئة كأن الواحد منها كوكب ينقض دفعة من جانب إلى آخر فيسير سيرا سريعا ثم لا يلبث دون ان ينطفئ.
فظاهر معنى الآيات ولقد جعلنا في السماء وهى جهة العلو بروجا وقصورا هي منازل الشمس والقمر وزيناها أي السماء للناظرين بزينة النجوم والكواكب وحفظناها أي السماء من كل شيطان رجيم أن ينفذ فيها فيطلع على ما تحتويه من الملكوت الا من استرق السمع من الشياطين بالاقتراب منه ليسمع ما يحدث به الملائكة من أحاديث الغيب المتعلقة بمستقبل الحوادث وغيرها فإنه يتبعه شهاب مبين.
وسنتكلم إن شاء الله في الشهب ومعنى رمى الشياطين فيما سيأتي من تفسير سورة الصافات.
قوله تعالى: " والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شئ موزون " مد الأرض بسطها طولا وعرضا وبذلك صلحت للزرع والسكنى ولو أغشيت جبالا شاهقة مضرسة لفقدت كمال حياة الحيوان عليها.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست