تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٣٤
(بيان) لما ذكر استهزاءهم بكتابه ونبيه وما اقترحوا عليه من الاتيان بالملائكة آية للرسالة عقبه بثلاث طوائف من الآيات وهى المصدرة بقوله: " ولقد أرسلنا من قبلك " الخ وقوله ولقد جعلنا في السماء بروجا الخ وقوله ولقد خلقنا الانسان من صلصال الخ.
فبين في أوليها ان هذا الاستهزاء دأب وسنة جارية للمجرمين وليسوا بمؤمنين ولو جاءتهم آية آية وفي الثانية أن هناك آيات سماوية وأرضية كافية لمن وفق للايمان وفي الثالثة أن الاختلاف بالايمان والكفر في نوع الانسان وضلال أهل الضلال مما تعين لهم يوم أبدع الله خلق الانسان فخلق آدم وجرى هنالك ما جرى من أمر الملائكة بالسجود وإباء إبليس عن ذلك.
قوله تعالى: " ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الأولين " إلى آخر الآيتين الشيع جمع شيعة وهى الفرقة المتفقة على سنة أو مذهب يتبعونه قال تعالى: " من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون " الروم: 32 وقوله ولقد أرسلنا أي رسلا وقد حذف للاستغناء عنه فان العناية بأصل تحقق الارسال من قبل من غير نظر إلى من ارسل بل بيان ان البشر الأولين كالاخرين جرت عادتهم على أن لا يحترموا الرسالة الإلهية ويستهزؤا بمن أتى بها ويمضوا على إجرامهم لتكون في ذلك تعزية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا يضيق صدره بما قابلوه به من الانكار والاستهزاء كما سيعود إليه في آخر السورة بقوله: " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون " الخ الآية: 97 من السورة.
والمعنى طب نفسا فنحن نزلنا الذكر عليك ونحن نحفظه ولا يضيقن صدرك بما يقولون فهو دأب المجرمين من الأمم الانسانية أقسم لقد أرسلنا من قبلك في فرق الأولين وشيعهم وحالهم هذه الحال ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن قوله تعالى: " كذلك نسلكه في قلوب المجرمين " إلى آخر الآيتين السلوك النفاذ والانفاذ يقال سلك الطريق أي نفذ فيه وسلك الخيط في الابرة أي أنفذه فيها
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»
الفهرست