والرواسي صفة محذوفة الموصوف والتقدير والقينا فيها جبالا رواسي وهو جمع راسية بمعنى الثابتة إشارة إلى ما وقع في غير هذا الموضع انها تمنع الأرض من الميدان كما قال: " وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم " النحل: 15.
والموزون من الوزن وهو تقدير الأجسام من جهة ثقلها ثم عمم لكل تقدير لكل ما يمكن ان يتقدر بوجه كتقدير الطول بالشبر والذراع ونحو ذلك وتقدير الحجم وتقدير الحرارة والنور والقدرة وغيرها وفي كلامه تعالى: " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة " الأنبياء: 47 وهو توزين الأعمال ولا يتصف بثقل وخفة من نوع ما للأجسام الأرضية منهما.
وربما يكنى به عن كون الشئ بحيث لا يزيد ولا ينقص عما يقتضيه الطبع أو الحكمة كما يقال كلامه موزون وقامته موزونه وافعاله موزونة أي مستحسنة متناسبة الاجزاء لا تزيد ولا تنقص مما يقتضيه الطبع أو الحكمة.
وبالنظر إلى اختلاف اعتباراته المذكورة ذكر بعضهم ان المراد به اخراج كل ما يوزن من المعدنيات كالذهب والفضة وسائر الفلزات وقال بعضهم انه انبات النباتات على ما لكل نوع منها من النظام البديع الموزون وقيل إنه خلق كل أمر مقدر معلوم.
والذي يجب التنبه له التعبير بقوله من كل شئ موزون دون أن يقال من كل نبات موزون فهو يشمل غير النبات مما يظهر وينمو في الأرض كما أنه يشمل النبات لمكان قوله وأنبتنا دون أن يقال أخرجنا أو خلقنا وقد جئ بمن وظاهرها التبعيض فالمراد والله أعلم انبات كل أمر موزون ذي ثقل مادي يمكن أن يزيد وينقص من الأجسام النباتية والأرضية ولا مانع على هذا من اخذ الموزون بكل من معنييه الحقيقي والكنائي.
والمعنى والأرض بسطناها وطرحنا فيها جبالا ثابتة لتسكنها من الميد وأنبتنا فيها من كل شئ موزون ثقيل واقع تحت الجاذبة أو متناسب مقدارا تقتضيه الحكمة.
قوله تعالى: " وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين المعايش جمع