تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٤٢
في إدامة حياته وغيره.
فكل من هذه الأشياء مدخرة باجزائها والقوى الفعالة فيها في تلك الخزائن غير القابلة للنفاد من جهة عظمة مقداره ومن جهة ما يعود إليه من الاجزاء الجديدة بانحلال تركيب المركبات بموت أو فساد ورجوعها إلى عناصرها الأولية كالنبات يفسد والحيوان يموت فيعود عناصرها بانحلال التركيب إلى مقارها ويتسع بذلك المكان لكينونة نبات وحيوان آخر يخلفان سلفهما.
فالضوء وخاصة ضوء الشمس الذي يعمل الليل والنهار والفصول الأربعة ويربى النبات والحيوان وسائر المركبات ويسوقها إلى غاياتها ومقاصدها من خزائن الله تعالى والرياح التي تلقح النبات وتسوق السحب وتنقل الاهوية من مكان إلى مكان وتدفع فاسد الهواء وتجرى السفن خزانة أخرى والماء النازل من السماء الذي تحتاج إليه المركبات ذوات الحياة في كينونتها وبقائها خزانة أخرى وكذلك العناصر البسيطة التي تتركب منها المركبات كل منها خزانة تنزل من مجموعها أو من عدة منها الأشياء المركبة ولا ينزل قط الا عدد معلوم من كل نوع من غير أن تنفد به الخزائن.
وعلى هذا فمراد الآية بالشئ هو نوعه لا شخصه كما تقدم في الوجه الأول والمراد بخزائنه مجموع ما في الكون من أصوله وعناصره وأسبابه العامة المادية ومجموع الشئ موجود في مجموع خزائنه لا في كل واحد منها والمراد بنزوله بقدر معلوم كينونة عدد محدود منه في كل حين من غير أن يستوفى عدد جميع ما في خزائنه.
وهذا وجه حسن في نفسه تؤيده الأبحاث العلمية عن كينونة هذه الحوادث وتصدقه آيات كثيرة متفرقة في الكتاب العزيز كقوله في الآية التالية: " وأرسلنا الرياح لواقح وأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه " وقوله: " وجعلنا من الماء كل شئ حي " الأنبياء: 30 وقوله: " وسخر لكم الشمس والقمر دائبين " إبراهيم: 33 وقوله: " والسحاب المسخر بين السماء والأرض " البقرة: 164 إلى غير ذلك من الآيات.
لكن الآية وهى من آيات القدر كما يعطيه سياقها تأبى الحمل عليه كما تأبى عنه اخواتها وكيف يحمل عليه قوله: " وخلق كل شئ فقدره تقديرا "؟ الفرقان: 2 وقوله: " الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى " الاعلى: 3 وقوله: " وكل شئ
(١٤٢)
مفاتيح البحث: الموت (1)، العزّة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست