تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٣٥
وادخله وذكروا ان سلك واسلك بمعنى.
والضميران في نسلكه وبه للذكر المتقدم ذكره وهو القرآن الكريم والمعنى ان حال رسالتك ودعوتك بالذكر المنزل إليك تشبه حال الرسالة من قبلك فكما أرسلنا من قبلك فقابلوها بالرد والاستهزاء كذلك ندخل هذا الذكر وننفذه في قلوب هؤلاء المجرمين ونبأ به انهم لا يؤمنون بالذكر وقد مضت طريقة الأولين وسنتهم في أنهم يستهزؤن بالحق ولا يتبعونه فالآيتان قريبتا المعنى من قوله فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل.
وربما قيل إن الضميرين للشرك أو الاستهزاء المفهوم من الآيات السابقة والباء في به للسببية والمعنى كذلك ننفذ الشرك أو الاستهزاء في قلوب المجرمين لا يؤمنون بسبب الشرك أو الاستهزاء وهو معنى بعيد والمتبادر إلى الذهن من لفظة لا يؤمنون به إن الباء للتعدية دون السببية.
وربما قيل إن الضمير الأول للاستهزاء المفهوم من سابق الكلام والثاني للذكر المذكور سابقا والمعنى مثل ما سلكنا الاستهزاء في قلوب شيع الأولين نسلك الاستهزاء وننفذه في قلوب هؤلاء المجرمين لا يؤمنون بالذكر الخ.
ولا بأس به وان كان يستلزم التفرقة بين الضميرين المتواليين لكن اباء قوله لا يؤمنون به أن يرجع ضميره إلى الاستهزاء يكفي قرينة لذلك.
وكذا لا يرد على الوجهين ما اورد ان رجوع ضمير نسلكه إلى الاستهزاء يوجب كون المشركين ملجئين إلى الشرك مجبرين عليه.
وجه عدم الورود انه تعالى علق السلوك على المجرمين فيكون مفاده انهم كانوا متلبسين بالاجرام قبل فعل السلوك بهم ثم فعل بهم ذلك فينطبق على الاضلال الإلهي مجازاة ولا مانع منه وانما الممنوع هو الاضلال الابتدائي ولا دليل عليه في الآية بل الدليل على خلافه والآية من قبيل قوله تعالى: " يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا وما يضل به الا الفاسقين " البقرة: 26 وقد تقدم تفصيل القول فيه.
وقد ظهر مما تقدم ان المراد بسنة الأولين السنة التي سنها الأولون لا السنة التي
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست