تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٢ - الصفحة ١٣١
من النقل المتواتر بهذا الترتيب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانما أجمع الصحابة على وضعه هكذا في المصحف انتهى: ونقل أيضا ما يقرب من ذلك عن جماعة غيرهم كالبيهقي والطيبي وابن حجر.
اما قولهم إن الصحابة انما كتبوا المصحف على الترتيب الذي اخذوه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير أن يخالفوه في شئ فمما لا يدل عليه شئ من الروايات المتقدمة وانما المسلم من دلالتها انهم انما أثبتوا ما قامت عليه البينة من متن الآيات ولا إشارة في ذلك إلى كيفية ترتيب الآيات النازلة مفرقة وهو ظاهر نعم في رواية ابن عباس المتقدمة عن عثمان ما يشير إلى ذلك غير أن الذي فيه انه كان صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بعض كتاب الوحي بذلك وهو غير اعلامه جميع الصحابة ذلك على إن الرواية معارضة بروايات الجمع الأول واخبار نزول بسم الله وغيرها.
واما قولهم ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقن الصحابة هذا الترتيب الموجود في مصاحفنا بتوقيف من جبريل ووحى سماوي فكأنه إشارة إلى حديث عثمان بن أبي العاص المتقدم في آية ان الله يأمر بالعدل والاحسان وقد عرفت مما تقدم انه حديث واحد في خصوص موضع آية واحدة وأين ذلك من مواضع جميع الآيات المفرقة.
واما قولهم ان القرآن مكتوب على هذا الترتيب في اللوح المحفوظ أنزله الله إلى السماء الدنيا ثم أنزله الله مفرقا عند الحاجة الخ فإشارة إلى ما روى مستفيضا من طرق الشيعة وأهل السنة من نزول القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم نزوله منها نجوما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكن الروايات ليس فيها أدنى دلالة على كون القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ منظما في السماء الدنيا على الترتيب الموجود في المصحف الذي عندنا وهو ظاهر.
على أنه سيأتي إن شاء الله الكلام في معنى كتابة القرآن في اللوح المحفوظ ونزوله إلى السماء الدنيا في ذيل ما يناسب ذلك من الآيات كأول سورتي الزخرف والدخان وسورة القدر.
واما قولهم انه قد حصل اليقين بالنقل المتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الترتيب الموجود في المصاحف فقد عرفت انه دعوى خالية عن الدليل وان هذا التواتر
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست