ففي الكلام جواب عن كلتا حجتيهم واعتذار عما لاموه عليه من الدعوة المبتدعة.
و قوله: (فما تزيدونني غير تخسير) تفريع على قوله السابق الذي ذكره في مقام دحض الحجتين والاعتذار عن مخالفتهم والقيام بدعوتهم إلى خلاف سنتهم القومية فالمعنى فما تزيدونني في حرصكم على ترك الدعوة والرجوع إليكم واللحوق بكم غير أن تخسروني فما مخالفة الحق إلا خسارة.
وقيل: المراد أنكم ما تزيدونني في قولكم: أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟
لغير نسبتي إياكم إلى الخسارة. وقيل: المعنى ما تزيدونني إلا بصيرة في خسارتكم والوجه الأول أوجه.
قوله تعالى: (ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب) إضافة الناقة إلى الله إضافة تشريف كبيت الله و كتابه الله. وكانت الناقة آية معجزة له عليه السلام تؤيد نبوته، وقد أخرجها عن مسألتهم من صخر الجبل بإذن الله، وقال لهم: إنها تأكل في أرض الله محررة، وحذرهم أن يمسوها بسوء أي يصيبوها بضرب أو جرح أو قتل. وأخبرهم أنهم ان فعلوا ذلك أخذهم عذاب قريب معجل، وهذا معنى الآية.
قوله تعالى: (فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب) عقر الناقة نحرها، والدار هي المكان الذي يبنيه الانسان فيسكن فيه ويأوى إليه هو وأهله، والمراد بها في الآية المدينة سميت دارا لأنها تجمع أهلها كما تجمع الدار أهلها، وقيل المراد بالدار الدنيا، وهو بعيد.
والمراد بتمتعهم في مدينتهم العيش والتنعم بالحياة لان الحياة الدنيا متاع يتمتع به، أو الالتذاذ بأنواع النعم التي هيؤوها فيها من مناظر ذات بهجة والاثاث والمأكول والمشروب والاسترسال في أهواء أنفسهم.
وقوله: (ذلك وعد غير مكذوب) الإشارة إلى قوله: (تمتعوا) الخ، و (وعد غير مكذوب) بيان له.
قوله تعالى: (فلما جاء أمرنا نجينا صالحا) إلى آخر الآية. أما قوله: (ولما