تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٣٢٩
كنا عن هذا غافلين أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل.
قالوا: فليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف الله أنه ربه وذلك قوله عز وجل: " وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها "، وذلك قوله: " فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين " يعني يوم أخذ الميثاق.
أقول: وقد روى حديث الذر كما في الرواية موقوفة وموصولة عن عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كعلي عليه السلام، وابن عباس، وعمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وسلمان، وأبي هريرة، وأبي أمامة، وأبي سعيد الخدري، وعبد الله بن مسعود، وعبد الرحمان بن قتادة، وأبي الدرداء، وأنس، ومعاوية، وأبي موسى الأشعري.
كما روي من طرق الشيعة عن علي وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد والحسن بن علي العسكري عليه السلام، ومن طرق أهل السنة أيضا عن علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليه السلام بطرق كثيرة فليس من البعيد أن يدعى تواتره المعنوي.
وفي الدر المنثور أيضا أخرج ابن سعد وأحمد عن عبد الرحمان بن قتادة السلمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم أخذ الخلق من ظهره فقال: هؤلاء في الجنة ولا ابالي، وهؤلاء في النار ولا ابالي. فقال رجل: يا رسول الله فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر.
أقول: القول في ذيل الرواية نظير القول في ذيل رواية أبي أمامة المتقدمة، وقد فهم الرجل من قوله " هؤلاء في الجنة ولا ابالى، وهؤلاء في النار ولا أبالي " (الخبر) سقوط الاختيار، فأجابه صلى الله عليه وآله وسلم بإن هذا قدر منه تعالى وأن أعمالنا في عين أنا نعملها وهي منسوبة إلينا تقع على ما يقع عليه القدر فتنطبق على القدر وينطبق هو عليها، وذلك أن الله قدر ما قدر من طريق اختيارنا فنعمل نحن باختيارنا، ويقع مع ذلك ما قدره الله سبحانه لا أنه تعالى أبطل بالقدر اختيارنا، ونفي تأثير إرادتنا والروايات بهذا المعنى كثيرة.
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست