تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢٢٢
الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون - 137.
(بيان) الآيات تشتمل على إجمال ما جرى بينه عليه السلام وبين فرعون وقومه أيام إقامة موسى بينهم بعد القيام بالدعوة يدعوهم إلى الله وإلى إطلاق بني إسرائيل ويأتيهم بالآية بعد الآية حتى أنجاه الله تعالى وقومه، وأغرق فرعون وجنوده، وأورث بني إسرائيل الأرض المباركة مشارقها ومغاربها.
قوله تعالى: " وقال الملا من قوم فرعون أ تذر موسى وقومه " إلى آخر الآية.
هذا إغراء منهم لفرعون وتحريض له أن يقتل موسى وقومه، ولذلك رد فرعون قولهم بأنه لا يهمنا قتلهم فإنا فوقهم قاهرون على أي حال بل سنعيد عليهم سابق عذابنا فنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم، ولو كان ما سألوا مطلق تعذيبهم غير القتل لم يقع قوله: " وإنا فوقهم قاهرون " موقعه ذلك الوقوع.
وقولهم: " ويذرك وآلهتك " تأكيد لتحريضهم إياه على قتلهم، والمعنى أن موسى يتركك وآلهتك فلا يعبدكم مع ما يفسد هو وقومه في الأرض وفيه دلالة على أن فرعون كما كان يدعى الألوهية، ويستعبد الناس لنفسه كان يعبد آلهة أخرى، وهو كذلك والتأريخ يثبت نظائر لذلك في الأمم السالفة، وقد نقل: أن عظماء البيوت وسادات القوم في الروم وممالك أخرى غيرها كان يعبدهم مرؤسوهم من بيتهم وعشائرهم وهم أنفسهم كانوا يعبدون آباءهم الأولين وأصناما أخرى غيرهم كما يعبدهم ضعفاؤهم، وأيضا بين الأرباب التي تعبدها الوثنية ما هو رب لغيره من الأرباب أو رب لرب آخر كربوبية الأب والام للابن وغير ذلك.
إلا أن قوله لقومه فيما حكاه الله سبحانه: " أنا ربكم الاعلى " النازعات: 24، وقوله: " ما علمت لكم من إله غيري " القصص: 38، ظاهر في أنه كان لا يتخذ لنفسه
(٢٢٢)
مفاتيح البحث: القتل (4)، الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست