والتطير مشتق من الطير باعتبار اشتماله على نسبة من النسب، وهي نسبة التشؤم فإنهم كانوا يتشامون ببعض الطيور كالغراب فاشتق منه ما يفيد معنى التشؤم وهو التطير ومعناه التشؤم بالطير حتى سمي مطلق النصيب أو النصيب من الشر والشأمة طائرا.
فقوله تعالى: " إلا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون " معناه أن نصيبهم من الشر والشؤم الذي يحق به أن يسمى نصيب الشر وهو العذاب، هو عند الله، ولكن أكثرهم لا يعلمون لظنهم أن ما تجنيه أيديهم يفوت ويزول ولا يحفظ عليهم.
وربما يذكر للطائر في الآية معان أخر ككتاب الأعمال الذي سماه الله طائرا وغير ذلك لكن الأنسب بالسياق هو الذي تقدم.
قوله تعالى: " وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين " مهما من أسماء الشرط معناه أي شئ، وقولهم هذا إياس منهم لموسى من أن يؤمنوا به وإن أتى بأي آية وفي قولهم: " من آية لتسحرنا بها " استهزاء به حيث سموها آية وجعلوا غرضه منها أن يسحرهم أي أنك تأتينا بالسحر وتسميها آية.
قوله تعالى: " فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات " الآية. الطوفان على ما قاله الراغب - كل حادثة تحيط بالانسان، وصار متعارفا في الماء المتناهي في الكثرة، وفي المجمع: أنه السيل الذي يعم بتغريقه الأرض وهو مأخوذ من الطوف فيها (انتهى).
والقمل بالضم والتشديد قيل: كبار القردان، وقيل: صغار الذباب وبالفتح فالسكون معروف، والجراد والضفادع والدم معروفة.
والتفصيل تفريق الشئ إلى أجزاء مفصولة منفصلة بعضها عن بعض، ولازم ذلك تميز كل بعض وظهوره في نفسه فقوله: " آيات مفصلات " يدل على أنها أرسلت إليهم لا مجتمعة ودفعة بل متفرقة منفصلة بعضها عن بعض ظاهره في أنها آيات إلهية مقصودة غير اتفاقية ولا جزافية.
ومن الدليل على كون المفصلات بهذا المعنى قوله في الآية التالية: " ولما وقع عليهم الرجز قالوا " الآية. الظاهر أن الآية كانت تأتيهم عن إخبار من موسى وإنذار ثم إذا نزلت بهم ودهمتهم التجأوا إليه فسألوه أن يدعو لهم لتنكشف عنهم، وأعطوه