أن يأتيهم عذاب الله ليلا وهم في حال النوم وقد عمتهم الغفلة.
قوله تعالى: " أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون " الضحى صدر النهار حين تنبسط الشمس، والمراد باللعب الأعمال التي يشتغلون بها لرفع حوائج الحياة الدنيا والتمتع من مزايا الشهوات، وهي إذا لم تكن في سبيل السعادة الحقيقية، وطلب الحق كانت لعبا، فقوله: " وهم يلعبون كناية عن العمل للدنيا وربما قيل: أنه استعارة أي يشتغلون بما لا نفع فيه كأنهم يلعبون، وليس ببعيد أن يكون قوله في الآية السابقة " وهم نائمون " كناية عن الغفلة. ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: " أ فأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون " مكر به مكرا أي مسه بالضرر أو بما ينتهي إلى الضرر وهو لا يشعر وهو إنما يصح منه تعالى إذا كان على نحو المجازاة كان يأتي الانسان بالمعصية فيؤاخذه الله بالعذاب من حيث لا يشعر أو يفعل به ما يسوقه إلى العذاب وهو لا يشعر، وأما المكر الابتدائي من غير تحقق معصية سابقة فمما يمتنع عليه تعالى وقد مرت الإشارة إليه كرارا.
وما ألطف قوله تعالى: " إ فأمن أهل القرى " و " أو أمن أهل القرى " ثم قوله " أ فأمنوا مكر الله "، والثالث - وهو الذي في هذه الآية - جمع وتلخيص للانكارين السابقين في الآيتين، وقد أظهر في الآيتين جميعا من غير أن يقول في الثانية: أو أمنوا (الخ) ليعود الضمير في الآية الثالثة إلى من في الآيتين جميعا كأنه أخذ أهل القرى وهم نائمون غير أهل القرى وهم يلعبون.
وقوله: " فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون " وذلك لأنه تعالى بين في الآيتين الأوليين أن الامن من مكر الله نفسه مكر إلهي يتعقبه العذاب الإلهي فالآمنون من مكر الله خاسرون لانهم ممكور بهم بهذا الامن بعينه.
قوله تعالى: " أ ولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها " إلى آخر الآية.
الظاهر أن فاعل قوله: " يهد " ضمير راجع إلى ما أجمله من قصص أهل القرى، وقوله " للذين يرثون " مفعوله عدي إليه باللام لتضمينه معنى التبيين، والمعنى: أو لم يبين ما تلوناه من قصص أهل القرى للذين يرثون الأرض من بعد أهلها هاديا لهم، وقوله: " أن لو نشاء أصبناهم " الآية مفعول " يهد " والمراد بالذين يرثون الأرض من بعد أهلها