مختصا به، وهذا الوجه غير ما قدمناه من الوجه وإن كان قريبا منه، والوجهان جميعا على قراءة التشديد.
وثالثها: أنهم لا يصادفونك كاذبا تقول العرب: قاتلناهم فما أجبناهم أي ما صادفناهم جبناء، والوجه ما تقدم.
قوله تعالى: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا) إلى آخر الآية. هداية له صلى الله عليه وآله إلى سبيل من تقدمه من الأنبياء، وهو سبيل الصبر في ذات الله، وقد قال تعالى: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) (الانعام: 90).
وقوله: (حتى أتاهم نصرنا) بيان غاية حسنة لصبرهم، وإشارة إلى الوعد الإلهي بالنصر، وفي قوله: (ولا مبدل لكلمات الله) تأكيد لما يشير إليه الكلام السابق من الوعد وحتم له، وإشارة إلى ما ذكره بقوله: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي) (المجادلة: 21)، وقوله: (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهم المنصورون) (الصافات: 172).
ووقوع المبدل في قوله: (ولا مبدل لكلمات الله) في سياق النفي ينفى أي مبدل مفروض سواء كان من ناحيته تعالى بأن يتبدل مشيته في خصوص كلمة بأن يمحوها بعد إثباتها أو ينقضها بعد إبرامها أو كان من ناحية غيره تعالى بأن يظهر عليه ويقهره على خلاف ما شاء فيبدل ما أحكم ويغيره بوجه من الوجوه.
ومن هنا يظهر أن هذه الكلمات التي أنبأ سبحانه عن كونها لا تقبل التبديل أمور خارجة عن لوح المحو والاثبات، فكلمة الله وقوله وكذا وعده في عرف القرآن هو القضاء الحتم الذي لا مطمع في تغييره وتبديله، قال تعالى: (قال فالحق والحق أقول) (ص: 84) وقال تعالى: (والله يقول الحق) (الأحزاب: 4)، وقال تعالى: (ألا إن وعد الله حق) (يونس: 55) وقال تعالى: (لا يخلف الله الميعاد) (الزمر: 20) وقد مر البحث المستوفى في معنى كلمات الله تعالى وما يرادفها من الألفاظ في عرف القرآن في ذيل قوله تعالى: (منهم من كلم الله) (البقرة: 253).
وقوله في ذيل الآية: (ولقد جاءك من نبأ المرسلين) تثبيت واستشهاد لقوله: