لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون - 148. قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين - 149. قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون - 150. (بيان) الآيات تحاج المشركين في عدة من الاحكام في الأطعمة وغيرها دائرة بين المشركين وتذكر حكم الله فيها.
قوله تعالى: (وجعلوا لله مما ذرا من الحرث والانعام نصيبا) إلى آخر الآية، الذرء الايجاد على وجه الاختراع وكأن الأصل في معناه الظهور، والحرث الزرع، وقوله:
(بزعمهم) في قوله: (فقالوا هذا لله بزعمهم) نوع من التنزيه كقوله: (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه) (الأنبياء: 26). والزعم الاعتقاد ويستعمل غالبا فيما لا يطابق الواقع منه.
وقوله: (وهذا لشركائنا) أضاف الشركاء إليهم لانهم هم الذين أثبتوها واعتقدوا بها نظير أئمة الكفر وأئمتهم وأوليائهم، وقيل: أضيفت الشركاء إليهم لانهم كانوا يجعلون بعض أموالهم لهم فيتخذونهم شركاء لأنفسهم.
وكيف كان فمجموع الجملتين أعني قوله: (فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا) من تفريع التفصيل على الاجمال يفسر به جعلهم لله نصيبا من خلقه، وفيه توطئة وتمهيد لتفريع حكم آخر عليه، وهو الذي يذكره في قوله: (فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله) وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم.
وإذ كان هذا الحكم على بطلانه من أصله وكونه افتراء على الله لا يخلو عن إزراء بساحته تعالى بتغليب جانب الأصنام على جانبه قبحه بقوله: (ساء ما يحكمون) ومعنى الآية ظاهر.