تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢٨٤
عن أمر حالي جار واقع. وكيف كان فقوله: (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) يحكى قولا قال بعض المشركين من العرب استكبارا على آيات الله، وإنما كرر فيه الموصول أعني قوله: (من) ولم يتكرر في قوله: (أو قال أوحى إلى) (الخ) لان المظالم المعدودة وإن كانت ثلاثة لكنها من نظرة أخرى قسمان فالأول والثاني من الظلم في جنب الله في صورة الخضوع لجانبه والانقياد لامره، والثالث من الظلم في صورة الاستعلاء عليه والاستكبار عن آياته.
قوله تعالى: (ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت) إلى آخر الآية، الغمر أصله ستر الشئ وإزالة أثره ولذا يطلق الغمرة على الماء الكثير الساتر لما تحته، وعلى الجهل المطبق، وعلى الشدة التي تحيط بصاحبها والغمرات الشدائد، ومنه قوله تعالى: (في غمرات الموت)، والهون والهوان الذلة.
وبسط اليد معناه واضح غير أن المراد به معنى كنائي ويختلف باختلاف الموارد فبسط الغنى يده جوده بماله واحسانه لمن يستحقه وبسط الملك يده ادارته أمور مملكته من غير أن يزاحمه مزاحم وبسط المأمور الغليظ الشديد يده على المجرم المأخوذ به هو نكاله وايذاؤه بضرب وزجر ونحوه.
فبسط الملائكة أيديهم هو شروعهم بتعذيب الظالمين وظاهر السياق ان الذي تفعله الملائكة بهؤلاء الظالمين هو الذي يترجم عنه قوله اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون الخ فهذه الجمل محكية عن الملائكة لا من قول الله سبحانه والتقدير:
يقول الملائكة لهم اخرجوا أنفسكم الخ فهم يعذبونهم بقبض أرواحهم قبضا يذوقون به أليم العذاب وهذا عذابهم حين الموت ولما ينتقلوا من الدنيا إلى ما وراءها ولهم عذاب بعد ذلك ولما تقم عليهم القيامة كما يشير إليه قوله تعالى ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون:
(المؤمنون: 100). وبذلك يظهر ان المراد باليوم في قوله اليوم تجزون هو يوم الموت الذي يجزون فيه العذاب وهو البرزخ كما ظهر ان المراد بالظالمين هم المرتكبون لبعض المظالم الثلاثة التي عدها الله سبحانه من أشد الظلم أعني افتراء الكذب على الله ودعوى النبوة كذبا والاستهزاء بآيات الله.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346