أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون - 81. الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون - 82. وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم - 83.
(بيان) عشر آيات ذكر الله سبحان فيها ما آتاه النبي العظيم إبراهيم ع عليه السلام من الحجة على المشركين بما هداه إلى توحيده وتنزيهه ثم ذكر هدايته أنبياءه بتطهير سرهم من الشرك، وقد سمى بينهم نوحا عليه السلام وهو قبل إبراهيم عليه السلام وسته عشر نبيا من ذرية نوح عليه السلام.
والآيات في الحقيقة بيان لمصداق كامل من القيام بدين الفطرة والانتهاض لنشر عقيدة التوحيد والتنزيه عن شرك الوثنية وهو الذي انتهض له إبراهيم عليه السلام وحاج له على الوثنية حينما أطبقت الدنيا على الوثنية ظاهرا، ونسوا ما سنه نوح عليه السلام والتابعون له من ذريته الأنبياء من طريقة التوحيد فالآيات بما تشتمل عليه من تلقين الحجة ة و الهداية إلى دين الفطرة كالتبصر لما تقدمها من الحجج التي لقنها الله: سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله في هذه السورة بقوله:
قل كذا وقل كذا فقد كررت لفظة (قل) في هذه السورة الكريمة أربعين مرة نيف وعشرون منها قبل هذه الآيات فكأنه قيل: واذكر فيما تقوله لقومك وتحاجهم به من أدلة التوحيد ونفى الشريك بتلقيننا إياك ما قاله إبراهيم لأبيه وقومه مما آتيناه من حجتنا على قومه بما كنا نريه من ملكوت السماوات والأرض فقد كان يحاجهم عن إفاضة إلهية عليه بالعلم والحكمة وإراءة منه تعالى لملكوته مبنية على اليقين لا عن فكرة تصنيعية لا تعدو حد التخيل والتصور، ولا تخلو عن التكلف والتعسف الذي لا تهتف به الفطرة الصافية.
ولحن كلام إبراهيم عليه السلام فيما حكاه الله سبحانه في هذه الآيات إن تدبرنا فيها بأذهان