تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٤٤
أن ينسب كفرهم السابق إلى الجميع حتى يكون تغليبا لشركهم على إيمان نبيهم فإن كلامه الحق لا يحتمل ذلك بل نعنى أن مجتمع الدين الشامل للنبي وأمته يصدق عليه أن افراد انما نجوى من الشرك بعد هداية الله سبحانه إياهم وليس لهم من دونه إلا الضلال أما الأمة فإنهم كانوا على الشرك في زمان قبل زمان اهتدائهم بالدين، وأما أنبياؤهم فإنما اهتداؤهم بالله سبحانه، وليس لهم من أنفسهم لولا الهداية الإلهية إلا الضلال فإن غيره تعالى لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا فمن الصادق في حقهم أن ليس لهم أن يرتدوا على أعقابهم بعد إذ هداهم الله أو يعودوا إلى الشرك بعد إذ نجاهم الله منه.
وبالجملة الكلمة صادقة عليهم بنحو الحقيقة وإن لم يكن بعض مجتمعهم وهو النبي الذي فيهم كافرا قبل نبوته فإن الايمان والاهتداء على أي حال لهم من الله سبحانه بعد الحال الذي لهم من أنفسهم وحالهم من أنفسهم هو الضلال كما عرفت.
على أنك قد عرفت فيما تقدم من البحث المتنوع في عصمة الأنبياء أن القرآن الشريف ناص على طهارة ساحتهم عن أصغر المعاصي الصغيرة فكيف بالكبيرة وبأكبر الكبائر الذي هو الشرك بالله العظيم.
وقوله: (كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران) (الخ) تمثيل مثل به حال الانسان المتحير الذي لم يؤت بصيرة في أمره وعزيمة راسخة على سعادته فترك أحسن طريق وأقومه إلى مقصده، وقد ركبه قبله أصحاب له مهتدون به وبقى متحيرا بين شياطين يدعونه إلى الردى والهلاك، وأصحاب له مهتدين قد نزلوا في منازلهم أو أشرفوا على الوصول يدعونه إلى الهدى أن ائتنا فلا يدرى ما يفعل وهو بين مهبط ومستوى؟.
قوله تعالى: (قل إن هدى الله هو الهدى) إلى آخر الآية. أي أن كان الامر دائرا بين دعوة الله سبحانه وهى التي توافق الفطرة وتسمية الفطرة هدى الله، وبين دعوة الشياطين وهى التي فيها الهوى واتخاذ الدين لعبا ولهوا فهدى الله هو الهدى الحقيقي دون غيره.
أما أن ما يوافق دعوة الفطرة هو هدى الله فلا شك يعتريه لان حق الهداية هو الذي ينطق به الصنع والايجاد الذي ليس إلا لله ولا نروم شيئا من دين أو اعتقاد إلا لابتغاء مطابقة الواقع والواقع لله فلا يعدوه هداه، وأما أن هدى الله هو الهدى الحقيقي الذي يجب أن يؤخذ به دون الدعوة الشيطانية فظاهر أيضا لان الله سبحانه هو الذي إليه
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346