وبعد اللتيا والتي فالقرآن الشريف يدل بآياته على حاق الامر وهو أن هذا الدين قائم إلى يوم القيامة، وأن الأمة لا تبيد عامة، وأن أمثال ما ابتلى الله به الأمم السالفة تبتلى بها هذه الأمة حذو النعل بالنعل من غير أي اختلاف وتخلف.
والروايات المستفيضة المروية عن النبي والأئمة من أهل بيته صلى الله عليه وعليهم القطعية في صدورها ودلالتها ناطقة بذلك.
وفي الدر المنثور أخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله: (قل لست عليكم بوكيل) قال: نسخ هذه الآية آية السيف: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم).
أقول: قد عرفت مما تقدم من البيان أن قوله: (قل لست عليكم بوكيل) مسوق تمهيدا للتهديد الذي يتضمنه قوله: (لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون) وهذا المعنى لا يقبل نسخا.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) الآية بإسناده عن عبد الاعلى بن أعين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسب فيه إمام أو يغتاب فيه مسلم فإن الله يقول في كتابه: (إذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان - فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين).
وفي الدر المنثور أخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر قال: لا تجالسوا أهل الخصومات فإنهم الذين يخوضون في آيات الله.
وفيه أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن علي قال: إن أصحاب الأهواء من الذين يخوضون في آيات الله.
وفي تفسير العياشي عن ربعي بن عبد الله عمن ذكره عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) قال: الكلام في الله والجدال في القرآن (فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) قال: منه القصاص.
أقول: والروايات - كما ترى - تعمم الآية وهو أخذ بالملاك.
وفى المجمع: قال أبو جعفر عليه السلام: لما أنزل (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم