تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ١٤٣
ثم قال: وذكر به أي بالقرآن حذرا من أن تبسل أي تمنع نفس بسبب ما كسبت من السيئات أو تسلم نفس مع ما كسبت للمؤاخذة والعقاب، وتلك نفس ليس لها من دون الله ولى ولا شفيع وإن تعدل كل عدل وتفد كل فدية لا يؤخذ منها لان اليوم يوم الجزاء بالاعمال لا يوم البيع والشرى أولئك الذين أبسلوا ومنعوا من ثواب الله أو أسلموا لعقابه لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون.
قوله تعالى: (قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا) احتجاج على المشركين بنحو الاستفهام الانكاري، وإنما ذكر من أوصاف شركائهم كونها لا تنفع و لا تضر لان اتخاذ الالهة - كما تقدم - كان مبنيا على أحد الأساسين: الرجاء و الخوف وإذ كانت الشركاء لا تنفع ولا تضر فلا موجب لدعائها وعبادتها والتقرب منها.
قوله تعالى: (ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله - إلى قوله - ائتنا) الاستهواء طلب الهوى والسقوط، والرد على الأعقاب كناية عن الضلال وترك الهدى فإن لازم الهداية الحقة الوقوع في مستقيم الصراط والشروع في السير فيه فالارتداد على الأعقاب ترك السير في الصراط والعود إلى ما خلف من المسير وهو الضلال، ولذا قال: ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله فقيد الرد بكونه بعد الهداية الإلهية.
ومن عجيب الاستدلال احتجاج بعض بهذه الآية أعني قوله: (نرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله الآية وما يجرى مجراها من الآيات كقول شعيب عليه السلام على ما حكاه الله تعالى في قصته بقوله: (قال الملا الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين، قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملكتم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا) (الأعراف: 89).
فقد احتجوا بها على أن الأنبياء ع كانوا قبل البعثة والتلبس بلباس النبوة على الكفر لما في لفظ الرد على الأعقاب بعد إذ هدى الله، والعودة في ملة الشرك بعد إذ نجاهم الله منها من الدلالة على كونهم منتحلين بها واقعين فيها قبل النجاة وهو احتجاج فاسد فإن ذلك تلكم منهم بلسان المجتمع الديني الذي كانت أفراده على الشرك حتى هداهم الله بواسطة أنبيائه ولسنا نعنى أن غلبة الافراد الذين كانوا على الشرك في أول عهدهم سوغ
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346