(بيان) الكلام معطوف إلى ما في أول السورة من الآيات النازلة في أمر النساء من آيات الازدواج والتحريم والارث وغير ذلك، الذي يفيده السياق أن هذه الآيات إنما نزلت بعد تلك الآيات، وان الناس كلموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمر النساء حيثما نزلت آيات أول السورة فأحيت ما أماته الناس من حقوق النساء في الأموال والمعاشرات وغير ذلك.
فأمره الله سبحانه أن يجيبهم ان الذي قرره لهن على الرجال من الاحكام إنما هو فتيا إلهية ليس له في ذلك من الامر شئ، ولا ذاك وحده بل ما يتلى عليهم في الكتاب في يتامى النساء أيضا حكم إلهي ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه شئ من الامر، ولا ذاك وحده بل الله يأمرهم أن يقوموا في اليتامى بالقسط.
ثم ذكر شيئا من أحكام الاختلاف بين المرأة وبعلها يعم به البلوى.
قوله تعالى. " ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن " قال الراغب: الفتيا والفتوى الجواب عما يشكل من الاحكام، ويقال: استفتيته فأفتاني بكذا (انتهى).
والمحصل من موارد استعماله أنه جواب الانسان عن الأمور المشكلة بما يراه باجتهاد من نظره أو هو نفس ما يراه فيما يشكل بحسب النظر البدائي الساذج كما يفيده نسبة الفتوى إليه تعالى.
والآية وان احتملت معاني شتى مختلفة بالنظر إلى ما ذكروه من مختلف الوجوه في تركيب ما يتلوها من قوله " وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء " (الخ) الا أن ضم الآية إلى الآيات الناظرة في أمر النساء في أول السورة يشهد بأن هذه الآية انما نزلت بعد تلك.
ولازم ذلك أن يكون استفتاؤهم في النساء في عامة ما أحدثه الاسلام وأبدعه من أحكامهن مما لم يكن معهودا معروفا عندهم في الجاهلية، وليس الا ما يتعلق بحقوق النساء في الإرث والازدواج دون أحكام يتاماهن وغير ذلك مما يختص بطائفة منهن دون جميعهن فان هذا المعنى انما يتكفله قوله " وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء " (الخ) فالاستفتاء إنما كان في ما يعم النساء بما هن نساء من أحكام الإرث.
وعلى هذا فالمراد بما أفتاه الله فيهن في قوله " قل الله يفتيكم فيهن " ما بينه تعالى