أقول: ورواه الشيخ في التهذيب بإسناده عن ابن مسكان مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورواه العياشي في تفسيره مرسلا عنه. ومعنى صدر الحديث مروى بطرق أخرى أيضا عن أئمة أهل البيت عليهم السلام.
والمراد بتقييد الحكم بالجبر إفادة أن يكون الحكم مما يترتب عليه الأثر فيكون حكما فصلا بحسب نفسه بالطبع وإلا فمجرد الانشاء لا يسمى حكما.
وفي الدر المنثور أخرج سعيد بن منصور وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: إنما أنزل الله " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، والظالمون، والفاسقون " في اليهود خاصة.
أقول: فيه: أن الآيات الثلاث مطلقة لا دليل على تقييدها، والمورد لا يوجب التصرف في إطلاق اللفظ، على أن مورد الآية الثالثة النصارى دون اليهود، على أن ابن عباس قد روى عنه ما يناقض ذلك.
وفيه: أخرج عبد بن حميد عن حكيم بن جبير قال: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآيات في المائدة قلت: زعم قوم أنها نزلت على بني إسرائيل ولم تنزل علينا قال: اقرأ ما قبلها وما بعدها فقرأت عليه فقال: لا بل نزلت علينا، ثم لقيت مقسما - مولى ابن عباس فسألته عن هؤلاء الآيات التي في المائدة قلت: زعم قوم أنها نزلت على بني إسرائيل ولم ينزل علينا قال: إنه نزل على بني إسرائيل ونزل علينا، وما نزل علينا وعليهم فهو لنا ولهم.
ثم دخلت على على بن الحسين فسألته عن هذه الآيات التي في المائدة وحدثته أنى سألت عنها سعيد بن جبير ومقسما قال: فما قال مقسم؟ فأخبرته بها، قال قال: صدق ولكنه كفر ليس ككفر الشرك، وفسق ليس كفسق الشرك، وظلم ليس كظلم الشرك.
فلقيت سعيد بن جبير فأخبرته بما قال فقال سعيد بن جبير لابنه: كيف رأيته؟ (1) لقد وجدت له فضلا عليك وعلى مقسم.
أقول: قد ظهر انطباق الرواية على ما يظهر من الآية فيما تقدم من البيان.
وفى الكافي بإسناده عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام وفي تفسير العياشي عن أبي بصير عنه عليه السلام في قوله تعالى: " فمن تصدق به فهو كفارة له " الآية قال: يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفى من جراح أو غيره.