(الانعام - 68) فإن سورة الأنعام مكية، وسورة النساء مدنية.
ويستفاد من إشارة الآية إلى آية الانعام ان بعض الخطابات القرآنية وجه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، والمراد بها ما يعم الأمة.
وقوله " انكم إذا مثلهم " تعليل للنهي أي بما نهيناكم لأنكم إذا قعدتم معهم - والحال هذه - تكونون مثلهم، وقوله " ان الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم ".
قوله تعالى: " الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله "، التربص:
الانتظار. والاستحواذ: الغلبة والتسلط، وهذا وصف آخر لهؤلاء المنافقين فإنهم انما حفظوا رابطة الاتصال بالفريقين جميعا: المؤمنين والكافرين، يستدرون الطائفتين ويستفيدون ممن حسن حاله منهما، فإن كان للمؤمنين فتح قالوا: انا كنا معكم فليكن لنا سهم مما أوتيتموه من غنيمة ونحوها، وان كان للكافرين نصيب قالوا: ألم نغلبكم ونمنعكم من المؤمنين؟ أي من الايمان بما آمنوا به والاتصال بهم فلنا سهم مما أوتيتموه من النصيب أو منه عليكم حيث جررنا إليكم النصيب.
قيل: عبر عما للمؤمنين بالفتح لأنه هو الموعود لهم، وللكافرين بالنصيب تحقيرا له فإنه لا يعبأ به بعد ما وعد الله المؤمنين أن لهم الفتح وأن الله وليهم، ولعله لذلك نسب الفتح إلى الله دون النصيب.
قوله تعالى: " فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " الخطاب للمؤمنين وإن كان ساريا إلى المنافقين والكافرين جميعا، وأما قوله " و لن يجعل الله " فمعناه أن الحكم يومئذ للمؤمنين على الكافرين، ولن ينعكس الامر أبدا، وفيه إياس للمنافقين، أي لييئس هؤلاء المنافقون فالغلبة للمؤمنين على الكافرين بالآخرة.
ويمكن أن يكون نفى السبيل أعم من النشأتين: الدنيا والآخرة فأن المؤمنين غالبون بإذن الله دائما ما داموا ملتزمين بلوازم إيمانهم، قال تعالى: " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " (آل عمران - 139).
قوله تعالى: " إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم " المخادعة هي الاكثار أو التشديد في الخدعة بناء على أن زيادة المباني تدل على زيادة المعاني.