شاكر عليم: البقرة - 158 وقال وما تنفقوا من خير فلأنفسكم إلى أن قال وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون: البقرة - 272.
قوله تعالى إن الذين كفروا لن تغني عنهم ظاهر وحدة السياق أن المراد بهؤلاء الذين كفروا هم الطائفة الأخرى من أهل الكتاب الذين لم يستجيبوا دعوة النبوة وكانوا يوطؤون على الاسلام ولا يألون جهدا في إطفاء نوره.
وربما قيل إن الآية ناظرة إلى حال المشركين فتكون التوطئة لما سيشير إليه من قصة أحد لكن لا يلائمه ما سيأتي من قوله وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا الخ فإن ذلك بيان لحال اليهود مع المسلمين دون حال المشركين ومن هناك يظهر أن اتصال السياق لم ينقطع بعد.
وربما جمع بعض المفسرين بين حمل هذه الآية على المشركين وحمل تلك على اليهود وهو خطأ.
قوله تعالى مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا الآية، الصر البرد الشديد وإنما قيد الممثل بقوله في هذه الحياة الدنيا ليدل على أنهم منقطعون عن الدار الآخرة فلا يتعلق إنفاقهم إلا بهذه الحياة وقيد حرث القوم بقوله ظلموا أنفسهم ليحسن ارتباطه بقوله بعده وما ظلمهم الله.
ومحصل الكلام أن إنفاقهم في هذه الحياة وهم يريدون به إصلاح شأنهم ونيل مقاصدهم الفاسدة لا يثمر لهم إلا الشقاء وفساد ما يريدونه ويحسبونه سعادة لأنفسهم كالريح التي فيها صر تهلك حرث الظالمين وليس ذلك إلا ظلما منهم لأنفسهم فإن العمل الفاسد لا يأتي إلا بالأثر الفاسد.
قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم الآية سميت الوليجة بطانة وهي ما يلي البدن من الثوب وهي خلاف الظهارة لكونها تطلع على باطن الانسان وما يضمره ويستسره وقوله لا يألونكم أي لا يقصرون فيكم وقوله خبالا أي شرا وفسادا ومنه الخبل للجنون لأنه فساد العقل وقوله ودوا ما عنتم ما مصدرية أي ودوا وأحبوا عنتكم وشدة ضرركم وقوله قد بدت البغضاء من أفواههم أريد به ظهور البغضاء والعداوة من لحن قولهم وفلتات لسانهم ففيه استعارة