يهوديا على شريعة التوراة فكيف يمكن أن تشتمل ملته على حلية ما حرمتها التوراة والنسخ غير جائز.
فقد تبين أن الآية إنما تتعرض لدفع شبهة أوردتها اليهود ويظهر من عدم تعرض الآية لنقل الشبهة عنهم كما يجري عليه القرآن في غالب الموارد كقوله تعالى وقالت اليهود يد الله مغلولة: المائدة - 64 وقوله وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة: البقرة - 80 وقوله وقالوا قلوبنا غلف: البقرة - 88 إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.
وكذا قوله تعالى بعد عدة آيات قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن إلى أن قال يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين الآيات: آل عمران - 100 وبالجملة يظهر من ذلك أنها كانت شبهة تلقيه اليهود لا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل على المؤمنين في ضمن ما كانوا يتلاقون ويتحاورون.
وحاصلها أنه كيف يكون النبي صادقا وهو يخبر بالنسخ وأن الله إنما حرم الطيبات على بني إسرائيل لظلمهم وهذا نسخ لحل سابق لا يجوز على الله سبحانه بل المحرمات محرمة دائما من غير إمكان تغيير لحكم الله وحاصل الجواب من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتعليم من الله تعالى أن التوراة ناطقة بكون كل الطعام حلا قبل نزولها فأتوا بالتوراة واتلوها إن كنتم صادقين في قولكم وهو قوله تعالى كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلى قوله إن كنتم صادقين فإن أبيتم الاتيان بالتوراة وتلاوتها فاعترفوا بأنكم المفترون على الله الكذب وأنكم الظالمون وذلك قوله تعالى فمن افترى إلى قوله ظالمون.
وقد تبين بذلك أني صادق في دعوتي فاتبعوا ملتي وهي ملة إبراهيم حنيفا وذلك قوله تعالى قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم إلى آخر الآية.
وللمفسرين في توضيح معنى الآية بيانات مختلفة لكنهم على أي حال ذكروا أن الآية متعرضة لبيان شبهة أوردتها اليهود مرتبطة بالنسخ كما مر.
وأعجب ما قيل في المقام ما ذكره بعضهم أن الآية متعرضة لجواب شبهة