أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أ يأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون (80)) (بيان) وقوع الآيات عقيب الآيات المرتبطة بأمر عيسى عليه السلام يفيد أنها بمنزلة الفصل الثاني من الاحتجاج على براءة ساحة المسيح مما يعتقده في حقه أهل الكتاب من النصارى والكلام بمنزلة قولنا إنه ليس كما تزعمون فلا هو رب ولا أنه ادعى لنفسه الربوبية أما الأول فلانه مخلوق بشري حملته امه ووضعته وربته في المهد غير أنه لا أب له كآدم عليهما السلام فمثله عند الله كمثل آدم وأما الثاني فلانه كان نبيا أوتي الكتاب والحكم والنبوة والنبي الذي هذا شأنه لا يعدو طور العبودية ولا يتعرى عن زي الرقية فكيف يتأتى أن يقول للناس اتخذوني ربا وكونوا عبادا لي من دون الله أو يجوز ذلك في حق غيره من عباد الله من ملك أو نبي فيعطي لعبد من عباد الله ما ليس له بحق أو ينفي عن نبي من الأنبياء ما أثبت الله في حقه من الرسالة فيأخذ منه ما هو له من الحق.
قوله تعالى ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله البشر مرادف للانسان ويطلق على الواحد والكثير فالانسان الواحد بشر كما أن الجماعة منه بشر.
وقوله ما كان لبشر اللام للملك أي لا يملك ذلك أي ليس له بحق كقوله تعالى ما يكون لنا أن نتكلم بهذا: النور - 16 وقوله وما كان لنبي أن يغل:
آل عمران - 161.
وقوله تعالى أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة اسم كان إلا أنه توطئة لما يتبعه من قوله ثم يقول للناس وذكر هذه التوطئة مع صحة المعنى بدونها ظاهرا يفيد وجها آخر لمعنى قوله ما كان لبشر فإنه لو قيل ما كان لبشر أن يقول للناس كان معناه أنه لم يشرع له هذا الحق وإن أمكن أن يقول ذلك فسقا وعتوا ولكنه